بمناسبة ذكرى أول نوفمبر 2018 أعلن طلاقي مع اللجوء السياسي.

أعلن طلاقي مع اللجوء السياسي

بمناسبة ذكرى أول نوفمبر 2018 أعلن طلاقي مع اللجوء السياسي.

 اضطررت للهجرة في ذكرى عيد الاستقلال، وها أنذا أعلن عن رغبتي في العودة  في ذكرى اندلاع الثورة التحريرية. كم هو مؤلم أن أضطر للهجرة  الى فرنسا، التي احتلت بلدي لأكثر من قرن .... وأترك كذلك أولادي وهم يبكون...وأترك والدي على فراش الموت، وقد توفي ولحقته أمي ولم أحضر جنازتهما...ومات من بعدهم المئات ممن أعرفهم من أهل البلدة والقرى المجاورة  وولدت أجيال من بعدي...

كم هو مؤلم أن تجد الأمن والأمان وسط الكفرة والمشركين، وتشتري  منهم وعينك مغمضة، ولا ترتاح في المقابل الى من يتشدقون بالاسلام.

اخترت ذكرى  عيد الاستقلال لهجرتي  سنة 2001  بعد أحداث القبائل  المؤلمة... كتعبير امتعاض مني  وسخط  على الأوضاع التي كانت تعيشها الجزائر...ومنعي من النشاط السياسي ، ورسالة  متعمدة موجهة الى من كانوا  ولايزالون يتشدقون بالاستقلال.


لن أروي لكم تفاصيل  ما عشته كلاجئ سياسي في فرنسا،  وما حدث لي أثناء فترة لجوئي، من تعذيب نفسي نتيجة وفاة الكثير من الأقرباء...وترقبوا ذلك  في كتاب في المستقبل إذا ما طالت الأعمار...سأروي فيه معاناتي ومعاناة اللاجئين  بشكل عام، وأوضاعهم النفسية التي يحار فيها الأطباء. و الكتاب عبارة عن شهادة وبحث في الموضوع...يفيد الأطباء والجمعيات الحقوقية ،والمهتمين بشأن اللاجئين في العالم، وطالبي اللجوء.

 تحدثت  وعارضت  النظام الجزائري، وشاركت في الاحتجاجات يوم أن كان الرصاص يخترق الصدور والأمعاء. وعارضت الانقلاب ومن قاموا به في السر والعلن  ومن ساعدوهم على ذلك.

تحدثت وعارضت  يوم أن كانت التلفزة واحدة، وكان خطاب بوتفليقة وحيدا يفطر عليه الناس وينامون به  في السنة الأولى من حكمه...تحدثت يوم كان بوتفليقة لا يكاد محرك الطائرة يتوقف عن الدوران... تحدثت يوم أن عم الصمت، وعم الخوف وعم الجبن، وعم الججود...وتحدثت يوم أن كان الحديث عن المختطفين يسوق أصحابه للسجون. اليوم: بعد أن فتح الله على الجزائريين بعشرات القنوات،  وعشرات الصحف، والأنترنت والهواتف النقالة  والتطبيقات  المختلفة وأصبح بامكان جميع الجزائريين التحدث...الا من أبى...وتحطمت الحدود.

اليوم: بعد أن أصبح سفيان جيلالي وعبد المجيد مناصرة وزوبيدة عسول ووووو معارضين للنظام، ويطالبون بلجنة مراقبة الانتخابات ووووو  بعد أن  كانوا بالامس  أعضاء في المجلس الاستشاري الذي حل محل البرلمان المنتخب، وأدخل أصحابه المعتقلات والسجون ومن منع من المشانق والمحاكم الخاصة فر بجلده الى الخارج. اليوم: بعد أن أصبح عمار سعداني يصفع الجنرال توفيق وضباط فرنسا بعد أن كان جنديا عندهم.

اليوم: بعد أن أصبح أنيس رحماني... يهين كبار ضباط المخابرات على قناة النهار ، وعلى رأسهم رب الجزائر كما يلقبه البعض الجنرال توفيق....اليوم بعد أن أصبح علي بن فليس وأحمد بن بيتور ... معارضين وينشدون الحريات، وهم  من شاركوا  بالأمس في حظر الحركة التي كنت عضوا مؤسسا فيها ومنعوا المسيرات...سواء بالصمت أو بالتواطؤ. اليوم بعد أن أصبح محمد السعيد بلعيد  الأمين العام لحركة الوفاء المحظورة وزيرا للإتصال... ويرأس حزبا جديدا...بعدما كان يعيب على أخي الأكبر  حضوره في التلفزة لأن ذلك سيشوش على صورة الحركة كون أن التلفزة رسمية...اليوم  بعد أن أصبح عبد العزيز بلعيد يرأس حزبا معارضا بعدما وقف مع عصابات الموت خلال التسعينيات عندما كان يرأس تنظيما طلابيا ....  ويلقب بالدكتور وهو لم يمارس مهنة الطب.

اليوم بعد أن أصبح ابن عباسي مدني يمارس الاقصاء في قناته  المغاربية،  على من كانوا بالأمس يقدمون أرواحهم رخيصة لحزب الجبهة الاسلامية ، ويفتح أبواب القناة لمن كانوا بالأمس يمارسون تكميم الأفواه.اليوم بعد أن أصبحت خليدة تومي وعمارة بن يونس وعبد المجيد سيدي السعيد وعلي حداد موالين للنظام...اليوم:  بعد أن شاهدت بعيني من عائلات المختطفين من باعوا قضيتهم وفضلوا الدنيا الفانية...

اليوم: بعد أن أصبح من يفتح صفحة على الفايسبوك وينشر صورا ينتهك فيها  الأعراض ويدمر  أسرا بكاملها  يلقب بالشجاع...
اليوم: بعد أن أصبح جنرالات كان مجرد ذكرهم يؤدي الى المسالخ ... يساقون كالخرفان الى السجون. اليوم: بعد أن أصبح ضباط  ومخبرون امتهنوا الاحتيال والخيانة والابتزاز والغدر... يسوقون على أساس أنهم معارضون في الخارج، وأصبح المختل عقليا يسوق على أنه ناشط سياسي، ومصلح العجلات على أنه باحث في الشؤون الاستراتيجية...اليوم: بعد أن أصبح الكاتب الشاذ فكريا مبدعا، والمفكر الذي يستشرف المستقبل مشعوذ...

اليوم: بعد أن أصبحت أمة اقرأ تحسد الأمم الأخرى على القراءة...اليوم: بعد أن أصبحت أمة الطهارة تحسد الأمم الأخرى على النظافة...اليوم : بعد أن أصبح الطبيب يحتاج الى طبيب والدواء يحتاج الى دواء، والمرشد يحتاج الى مرشد والأم تحتاج الى أم ... اليوم: بعد أن  اختلط على الناس الفرز بين الموالي والمعارض...واختلطت المفاهيم الى درجة أن أصبح الناس لا يفرقون بين  النقد والاتهام ،وبين الصرامة والاستبداد وبين الحياد والجبن... وبين الموضوعي والواشي...

اليوم: بعد أن كان الخلل في النظام تحول الخلل الى فئات كبيرة من الشعب. وأصبح المواطن  يعيق التغيير بنقص وعيه. أصبح لامعنى لا للمعارضة ولا للموالاة في غياب الوعي. اليوم بعد أن أصبح المهرج  والبلطجي والمرتزق شخصية وطنية... اليوم بعد أن أصبح الكلام  في متناول الجميع بعد أن كان محرما في وقت سابق.

أعلن طلاقي مع اللجوء السياسي وسأعود الى الجزائر متى ما توفرت الظروف. ملاحظة: كنت ضد النظام ولازلت، ولا أنتمي لأي جهة، وكنت مع مصالحة حقيقية ولا زال هذا المبدأ قناعة ويقينا أحملهما. أعرف مسبقا أن هناك من سيبكي عند ملاقاتي شوقا،  ومن ستزغرد ومن يطلق البارود... كما أعلم يقينا أن هناك من يسعى لغدري  وتشويهي  بطرق مختلفة  في الداخل كما في الخارج ويسره موتي.

نورالدين خبابه 1 نوفمبر 2018

إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget