Articles by "الحراك"


ليعذرني القارئ مرة أخرى لنبل مشاعره تجاه الجزائر، ولقساوة العنوان عليه، هذا الذي يصف حال فئتين من الناس تقاطعت تحركاتهما، وليعتبره صرخة أو وخزة إبرة أو لسعة نحلة لإيقاظ النائمين،  وأعده أن الغرابة ستزول بعد حين عندما يتضح المشهد، وليعذرني معه شرفاء الحراك من الجزائريين والجزائريات الذين كانوا ولايزالون ينشدون التقدم والازدهار وجزائر جديدة بالأفعال وليست بالأقوال وكل الغيورين عن الوطن المفدى والشرفاء والأحرار في كل موقع إن كنت سببت لهم إزعاجا في هذه الأوقات.

لست هنا لأسرد عليكم محاور عن الصهيونية وطرقها ولا عن برتوكولات حكماء صهيون، ولا لأضع لكم ملخصا عن كتاب الأعمدة السبعة  الذي يروي تفاصيل عن لورانس وكيف اخترق الجزيرة العربية أو أعطيكم نبذة عن كتاب الصحفي البريطاني جيمس بار "خط في الرمال" الذي  كشف الستار عن المؤامرات التي استهدفت العرب في الشرق الأوسط وقسمته الى جهتين وأعطت فلسطين للصهاينة واستخدمت الهاغانا في حربها...ولازلنا نتجرع علقم تلك المخططات الجهنمية الى تاريخ اليوم، وإنما لأحذركم من صهاينة الحراك الشعبي في الجزائر فهم أعين صهيون الساهرة لضرب الجزائر و خدمه المصون لاسيما وأن للجزائر قصة مع فلسطين لاتمحى.

 

الجزائر: تجدّد الصراع على السلطة

أطلّ الحراك الشعبي في الجزائر في فبراير/ شباط 2019، كنتيجة منطقية لتراكمات سلبية وترسبّات على أصعدة مختلفة، منها التسيّب والتردّد والتناقض في أجهزة الدولة. وهو أمر بدا واضحاً من خلال عدّة قرارات اتخذتها السلطة، وأدّت في مجملها إلى الانفجار الشعبي الذي كان مطلبه بدايةً، توقيف العهدة الخامسة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، قبل أن يرتفع سقف المطالب بمجرّد إعلان "استقالته".

كان الحراك سلمياً ونموذجياً، وثمّن المخلصون في الجزائر، وكلّ المحبين لشعبها، الموقف الذي اتخذه قائد الأركان الراحل أحمد قايد صالح، والذي صرّح وقتها، بأنّه لن تسيل قطرة دم واحدة ما دام هو من يقرّر، ما شجّع الكثيرين على الالتحاق بالحراك، وطمأن عامة الشعب، بأنّ قيادة الجيش  حامية الحراك ومواكبة لمطالب الشعب.

ازداد زخم الحراك، وتوّسعت دائرة النقاش في الساحات العامة، وتراجعت الهجرة غير النظامية التي كانت قد تسارعت قبل تلك السنوات، وبدأ الشباب يستعيدون الأمل وظهرت مبادرات مختلفة، فيما كلّ الصادقين ينشدون جزائر النهضة، جزائر الجميع.

لكن ثمة صراعات ظهرت، من خلال الأدلجة التي استُعملت في الحراك، لها خلفيات تمتدّ إلى ما قبل ثورة التحرير، وتمثّلت باجترار شعارات تطعن في هوية الشعب المشتركة، وتثير مواضيع ليست من أولويات الشعب، وتمّ استخدام رايات ساهمت في الاحتقان، وبرزت شعارات معادية للجيش، لها علاقة بأرضية مؤتمر الصومام الذي انعقد أثناء الثورة سنة 1956 بخصوص ما جاء به، المناضل والناشط السياسي عبان رمضان، حول أولوية السياسي على العسكري، والتي كانت سبباً في إعدامه بالمغرب من طرف الباءات الثلاث، كريم بلقاسم، بوصوف، بن طوبال.

وكنّا قد نشرنا في كتابنا "المصالحة الجزائرية" في سنة 2014، وثائق سرّية للغاية تابعة للمخابرات السويسرية، تفيد بأنّ المخابرات الأميركية، ومعها الفرنسية، كانتا تسعيان لإيصال شخصيات إلى سدّة الحكم، لها توجه غربي، أو في خدمة الغرب، وفي أحسن الظروف شخصيات ذات توّجه إسلامي، لا تقدّم ولا تؤّخر.

وأدّت تلك الصراعات حول السلطة إلى إصدار قرار بإقالة هيئة الأركان للتحكّم في مسار الثورة، مما دفع بهواري بومدين وأحمد بن بلة إلى مواجهة تلك المجموعة، وتأسّست بناء على ذلك، جمهورية لم تلب طموحات الشعب، لتبقى الصراعات متجذرة حتى تاريخ هذا اليوم. وتكفي الإشارة إلى استقدام محمد بوضياف وعلي هارون في التسعينيات، بكلّ ما لهما من علاقة بالصراعات القديمة تلك.

واليوم، ومع إيصال الرئيس، عبد المجيد تبّون، إلى سدّة الحكم، ووفاة قائد الأركان في ظروف غامضة طَرحت العديد من الاستفهامات، وعودة وزير الدفاع السابق، خالد نزار، الذي كان هارباً في إسبانيا بعد الحكم عليه بـ 20 سنة، لاسيما وأنّه أطلق تصريحات هدّد فيها قائد الأركان وأخرج قائد المخابرات من السجن محمد مدين، المدعو توفيق، مقابل إدخال جنرالات آخرين إلى الزنازين، ممن كانوا محسوبين على جناح قائد الأركان السابق أحمد قايد صالح... ليتصدّع الحراك الشعبي في النهاية ويخيب أمل الكثيرين.

الآن، وبعد بروز تسريبات جديدة صوتية، ومنها ما يخصّ رئيسة الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، سعيدة نغزة، حول تقرير قدّمته لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبّون، حول الوضع الاجتماعي في الجزائر، ونشر مقالة على وكالة الأنباء الجزائرية تهجوها وتشير إلى أيادٍ تقف خلفها... ها نحن نعود إلى نقطة الصفر، لاسيما، وأنّ التسريب الصوتي الذي نُشِرَ يهدّد المدير العام لوكالة الأنباء الجزائرية، ويتوّعده بخلع ملابسه في ساحة الشهداء، بالاستناد إلى قبعة الجيش.

كلّما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية في الجزائر، طفت إلى السطح تلك الصراعات القديمة حول هوية الشعب والثورة والفساد والابتزاز... وها هي مواقع التواصل تُستخدم الآن في الحرب القذرة لتُساق فئات من الشعب لمساندة هذا والهجوم على ذاك، بعيداً عن النقاش الجاد بخصوص مشروع مجتمع ينهض بالجزائر، ويقضي نهائياً على تلك الصراعات التي عطلت البلاد.
نورالدين خبابه 23 سبتمبر 2023

الحراك  الشعبي المخطوف في الجزائر! 
لم يكن أحد من المتسلطين على رقاب الشعب في الجزائر يفقه مصطلح الحراك لغويا قبل أن يباغتهم ! وكيف يعرفونه وهم جاثمون على إرادة الشعب منذ زمن بعيد وقد فوتوا عليه فرص النهضة، يخافون كل فكرة أو تنظيم يحظى بدعم شعبي، ويقفزون على كل مشروع فيحتوونه إما أن يستغلونه أو يحرفون مساره أو يفجرونه، وقد جاء الحراك السلمي ليقتلع جذور نظام عصابة عاثت في الأرض فسادا  فعطلت البلد باختصار لولا الخيانة والغدر الذي وقع وتم إجهاض الحراك إلى حين.
في البداية كان الهدف من الترويج لمصطلح الحراك بدل الثورة أو الانتفاضة مراعاة للمرحلة الحرجة التي كانت تمر بها الجزائر خاصة وأن أي انزلاق أو عثرة قد يؤدي الى تصفية الحسابات وإلى حمامات من الدم لاسيما وأن أزمة التسعينيات لم تعالج معالجة كاملة ودائمة والدليل في الحراك، كما أن الأغلبية  الشعبية كانت متوجسة  من عملية التغيير.

الجزائر والقوة الهاربة!

استمعت إلى مقطع فيديو على الفيسبوك،  يوم أن خطب رئيس الدولة الجزائرية عبد المجيد تبون في الولاة ، حيث وصف الجزائر بالقوة الضاربة. وهو في ذلك يتفاخر أمام الشعوب بالوضع الذي يحياه البلد الذي تهابه الدول العظمى وتضع له ألف حساب...ولكنه يتناقض بعد سطرين فينسى  فيقول: ليس لنا اقتصاد، والحمد لله اقتصادنا 85 بالمائة اقتصاد الخواص ولكن 85 بالمائة تمونه الدولة... وعاب على المعارضين انتقاصهم  لبلدهم على حد قوله.

تابعت المقطع على الفيسبوك كما أسلفت،  لأنني نادرا ما أرى القنوات...لأسباب ليس المجال لذكرها. ووضعت صورة على  صفحة المصالحة الجزائرية التي أديرها، لشباب في مقتبل العمر، غادروا الحياة الدنيا  بعد أن قلبت الأمواج العاتية الزورق الذي كانوا يمتطونه وهم يحاولون العبور الى الضفة الأخرى - علهم يجدون مستقبلا زاهرا يحققون فيه أمانيهم...وعنونت الصورة بالقوة الهاربة!


كم هو مؤلم أن تقرأ أو تسمع أو تشاهد  شعارا  يرفعه جزائريون ينادون بالاستقلال،  في ذكرى عيد النصر19 مارس...
لقد حلّ مصطلح  الاستقلال في الحراك محل الاحتلال فياله من اختلال كبير و من صدمة نفسية لها تداعياتها ومفارقة عجيبة... في ظل هذا النظام ! 

 سلطة؛ يشبهها جزائريون بسلطة احتلال ثانية- سرقت استقلال الجزائر وأصبحت تعبث بخيرات وثروات البلاد...فيما جزائريون وجزائريات يتوددون على مواقع التواصل  لشراء علبة دواء أو لجمع مبلغ من المال للقيام بعملية جراحية في بلد جار ليست له إمكانيات الجزائر بكل تواضع.

عاد عبد المجيد تبون من ألمانيا فهل سيعود  الشعب الجزائري للحراك ؟

خرج ملايين الجزائريين والجزائريات في حراك سلمي يوم 22 فبراير 2019، يطالبون بحقوقهم المشروعة، بعدما أصبح كثير منهم يشعر بالغربة داخل وطنه، ويرى بأم عينيه كيف تسرق خيرات الجزائر وتبذر. ولو أن التاريخ المحدد لايزال يطرح علامات استفهام، لاسيما ونحن بعد عامين من انطلاقه لم يحقق الشعب الجزائري أهدافه التي خرج من أجلها.

وبدأ الضباب ينقشع منذ الإعلان عن وفاة قائد الأركان قايد صالح مباشرة بعد الانتخابات التي قررت يوم 12 ديسمبر 2019، دون رضى الحراك الشعبي، ولحق به ذراعه الأيمن الجنرال حسن علا يمية وكذا الجنرال صواب، وتمت تنحية الجنرال بوسيس المكلف بما كان يجرى في أروقة المحكمة العسكرية بسجن بعض الجنرالات ومنهم طرطاق وتوفيق على وجه التحديد وكذا ادانة وزير الدفاع خالد نزار.

عند اتساع رقعة الحراك، بدأ سقف المطالب يرتفع ولم يعد مقتصرا على حاشية سعيد بوتفليقة وأويحيى وحداد. كما كانت تنوي بعض الجهات حصره فيه، بل أصبح المطلب رحيل النظام باسره. وبدى المكلفون بمهمة في تهييج الشارع يختفون عن الأنظار ويعودون الى الصفوف الخلفية لاسيما بعد أن حققوا بعض أهدافهم.

كانت تطلعات الشعب نحو آفاق جديدة آخذة في الاتساع وبشكل تصاعدي، والأغلبية أصبحت مؤمنة بجزائر جديدة تسع الجميع، ولو أن أساليب التعبير والشعارات مختلفة.

إلا أن جهات في الدولة العميقة من خلال شبكتها العنكبوتية في الداخل كما في الخارج كانت تدفع إلى تعفين الأوضاع من خلال عامل تقسيم الحراك، وعملية الابتزاز التي ظهرت ملامحها في مواقع التواصل بعد التسريبات والتهديديات التي مست ضباطا ومسئُولين كبارا، حتى تمسك بمقاليد السلطة من جديد- لاسيما وأنها بدأت تخسر بعض المواقع من خلال تمرد قائد الأركان أحمد قايد صالح.

بدأ قايد صالح بمغازلة الحراك حتى يعطي مسحة شعبية لقراراته، ووجد تجاوبا كبيرا داخل الحراك في الأسابيع الأولى منه، باستخدام المادة 7 و8 من الدستور الذي عدل سنة 2016. وهكذا استطاع أن يتغطى بالشارع ليفرض الأمر الواقع على خصومه الذين حاولوا الإطاحة به وأُعلن خلع بوتفليقة يوم 2 أبريل 2019.

بدأ الحديث عن المرحلة الانتقالية كأمر واقع، وبما أنه إذا ما كان المقصد هو التأسيس لجمهورية جديدة، فإنها كانت ستؤدي ليس فقط الى فقدان سيطرة حاشية الرئيس المخلوع بل ستعصف برؤوس الدولة العميقة وتسحب المبادرة منها، وتعود السلطة تدريجيا الى الشعب.

وبدأ أبواقها ودجاجلة السياسة معهم في عملية شيطنة خيار المرحلة الانتقالية والحراك...والدفع الى انتخابات مغلقة معروفة النتائج. وقد اتضح ذاك منذ الوهلة الأولى بتعيين شخصيات للأشراف عن الحوار الموجه والانتخابات المحسومة بفرض قائمة مديرها واحد.

بعد تأجيل موعد الانتخابات مرتين، فرض قايد صالح موعد انتخابات 12 ديسمبر 2019 على الجميع بالقوة.

لم تنتخب غالبية الشعب الجزائري الرئيس عبد المجيد تبون يوم 12 ديسمبر 2019 بل قاطعت الأغلبية الانتخابات الرئاسية كما تؤكد الأرقام الرسمية، ايمانا منها بأن النظام يجدد نفسه من خلال واجهات جديدة.

أعلنت وفاة أحمد قايد صالح بعد تمرير الانتخابات بأيام في ظروف جد غامضة، وتم تجميد الحراك بسبب وباء كورونا بعدها في شهر مارس سنة 2020. واستغلت الدولة العميقة غياب الحراك الشعبي وشرعت في استعادة ما ضاع منها.

نقل عبدالمجيد تبون الى ألمانيا للعلاج شهر أكتوبر 2020 بعد اصابته التي فاجأت الكثيرين. وفي هذه الفترة عاد الجنرال خالد نزار من إسبانيا دون الإعلان عن عودته، مع أنه كان محكوم عليه بالسجن، وقد توعد في تسجيل مصور ومنشور على الانترنت خصمه قايد صالح. وأعيدت محاكمة بعض الجنرالات ومنهم الجنرال توفيق، وتمت تبرئة ما أطلق عليه قايد صالح العصابة من تهمة المؤامرة.

طرحت خرجة تبون على موقع تويتر العديد من التساؤلات لاسيما وأنه عند عودته في طائرة لم يصرح بتاريخ العودة وظهر مباشرة في تسجيل على القناة الرسمية.

لقد عاد عبر مطار بوفاريك العسكري وليس عبر مطار هواري بومدين المدني. ومخافة أن يعيدوا للأذهان صورة بوتفليقة وهو على كرسي متحرك، اكتفوا بإظهاره جالسا على أريكة. غير ان جلوسه وظهور جبيرة على رجله طرح علامات استفهام لاسيما وأنهم أذاعوا بأن اصابته كانت بسبب فيروس كورونا.

عاد تبون الى ألمانيا مرة أخرى لأجراء عملية على رجله كما أذاعت صحيفة الخبر في شهر جانفي 2021 وها هو بعد شهر من إجراء تلك العملية الجراحية، لم يعد ماشيا على قدميه ولا عاد عبر مطار هواري بومدين. وبدى في تسجيل بتاريخ 12 فبراير 2121 بثه التلفزيون الرسمي بأنه لايزال عاجزا عن المشي، بل على الوقوف لمدة ساعة.

إن الوضع الذي تمر به الجزائر سواء من الناحية الاقتصادية أو من الناحية الاجتماعية أو السياسية أو الأمنية، وحجم الأزمة المختلفة الجوانب والتراكمات السلبية المرتبطة بالمأساة وتداعيات احتلال دام أكثر من قرن، والحلول المؤجلة وغير الناجعة، والمؤامرات التي تستهدف الجزائر، يتطلب قرارات تاريخية تعيد الثقة المهزوزة لدى الشعب.

فهل يا ترى سيقدم فريق عبدالمجيد تبون بعد عودته من ألمانيا على تهدئة الأوضاع، أم سيعود الشعب الى الشارع لاستعادة سلطته؟

نورالدين خبابه 13 فيفري 2021

من خلال تجربتي المتواضعة كمناضل من أجل جزائر جديدة  يحدوها الأمل ويسودها العدل والحق والقانون، لي الحق أن أدلي برأيي في قضايا مختلفة تهم بلادي... لاسيما  إذا كان الأمر يتعلق بالدستور. وقد عبرت عن امتعاضي عند التلاعب به عدة مرات. 

من خلال مطالعتي لمواد الدستور الذي يراد تعديله مرة أخرى .. لاحظت أن الدستور  هو نفسه دستور2016 ، سواء صيغت بعض المواد أو أضيفت أخرى ...تطرح  عدة علامات استفهام لاسيما وأنها أتت في ظروف تشهدها الجزائر والوضع الاقليمي وحتى الدولي...وليس دستور الجزائر الجديدة الذي نطمح له. 

أيّها الفيروس الفتّاك: مهما كان منبتك ومشربك، ومهما كانت غايتك ووسيلتك، ومهما كان حجمُ اختراقك  وشرّك، ومهما كانت دائرة نفوذك وسعة انتشارك، ومهما كانت قساوتك وحدّتك، ومهما كانت حيلتك ودهاؤك...ومهما كان مستوى التدمير الذي تقوم به على كل المستويات... حيث حطمت عائلات وعطلت اقتصادا، وأوقفت النقل برّا وجوّا وبحرًا...وجمّدت مشاريعًا، وأجّلت أعراسًا ونشاطات...وامتحانات،  وألغيت مواعيدًا وبرامج وزيارات...وقطعت التواصل وأغلقت الحدود والمدارس وكثير من المؤسسات.

اليوم يشتكيك الناس ومنهم من يسبّك ويلعنك،  ومنهم من يسعى لقتلك ومحوك من الوجود لو قدر على ذلك...ومنهم من يتهمك بأنك عديم الشخصية منافق ولئيم وغادر...

الديمضراطية: مصطلح جديد  ونسخة رديئة سوداء تقترب من الاحتراق  استنسخت من الديمقراطية إلى درجة  لم يعد يظهر  قافها، فاستبدل بحرف الضاء و أعطى هذا المفهوم السلبي للديمقراطية وها أنتم تشمئزون  من المصطلح الجديد  فكيف  إذا تغيير محتوى الديمقراطية كله يا ترى؟

 الديمقراطية الحقيقية التي قرأنا عنها في الكتب  والمجلات... ونعيش في بلدان يحتكم فيها مواطنوها فيما بينهم إلى نظامها الذي صنعوه بأيديهم وقطعوا أشواطا في التقدم على أصعدة مختلفة  وتكنولوجيا وصلت الى درجة تبنى فيها الجسور داخل البحار وتستخدم الطائرة في الحروب دون طيار ويسير الميترو في الأنفاق بلوحة التحكم... يعرفونها بأنها تعني  حكم الأغلبية، وتعني التداول السلمي على السلطة بطرق سلمية، وتعني احترام الرأي  وفق الاحترام المتبادل، وحرية التعبير...وتعني التنافس وتكافؤ الفرص، وتعني التشارك وتعني  التنوع والاختلاف، وتعني الشفافية وتعني  التعددية... وتعني الاقناع  وتعني احترام حقوق الانسان،  وتعني القبول بالنتائج المستحقة... الى غير ذلك من الأوصاف والصفات والمصطلحات...التي يطلقونها على الديمقراطية التي يطبقونها...طبعا فيما بينهم.

وأنت تتابع الهجومات الكاسحة والمتتالية على رموز الوطن والمقدسات... والترويج  للدياثة والعهر والرداءة والانحطاط... ويا ليت الأمر اقتصر على  شخصية بعينها   أو منطقة ... بل وصل الأمر إلى كل ما هو أصيل في هذا الوطن الجريح ...الذي تكاثرت الطعنات في ظهره ... حتى الغناء الشعبي لم يسلم من التزييف وحتى اللباس والطعام ... تتساءل: من يقف وراء كلّ هذا ولصالح من؟

من عايشوا جيلي؛ عرفوا ما عاشته الجزائر خلال  مرحلة هواري بومدين على الأقل - إلى جيل عبد المجيد تبون. وسمعوا بآذانهم قصص الثورة من صانعيها مباشرة،  قبل أن يبدأ تأليف الروايات وصنع الأفلام  والمسلسلات ... حيث وصل الأمر إلى درجة البهتان وأصبح من كان في عمره 5 سنوات مجاهدا أو شاهدا على أحداث الثورة! وشاهدوا بأعينهم آثار الدمار الذي تركته  فرنسا...في المداشر والبيوت التي هدمتها طائراتها  و البساتين التي أحرقتها غازاتها..الخ. ولحقوا بعناصر جيش التحرير في الثكنات... وهم لايزالون يمسكون أصابعهم على الزناد...خوفا من احتلال جديد بطريقة أخرى.


عثرت على كلام  في بعض الصفحات وبعض المداخلات التي أرسلت لي...لجزائريين لا يفقهون شيئا في السياسة، و منهم من  يقدم نظام العراق وليبيا وسلطة بريمر وفلسفة  برنار هنري ليفي  كنماذح للمرحلة الانتقالية،  بغرض تخويف الشعب الجزائري  من الحرب الدائرة هناك. وبطريقة أخرى،  اللعب على دغدغة الذاكرة الجماعية لإحياء صورة المأساة في الجزائر في مخيلة الناس وتذكيرهم بالجراح بشكل آلي، كنت قد أفردته بموضوع منذ سنوات...ويدخل في إطار التلاعب بالذاكرة والحرب النفسية...ولكن يخفي على الناس تأييد هؤلاء للجنرالات في حربهم خلال التسعينيات.


أنا المواطن البسيط نورالدين خبابه، جزائري الجنسية لمن لا يعرفني. من الجزائريين، الممنوع من حقوقه في الجزائر لاسيما منذ قدوم بوتفليقة سنة 1999 الى الحكم بدعم من العسكر، محروم من عدة حقوق بقرار من وزير الداخلية يزيد زرهوني سنة 2000 بعد تصريحه في قبة البرلمان وتشبيهنا بالنازيين الجدد، كون أنني ساندت أحمد طالب الابراهيمي وكنت ممثله في ولاية برج بوعرريج وعضو مؤسس في حركة الوفاء والعدل المحظورة بطرق غير قانونية....ومنعتُ من العمل في الوظيف العمومي والسكن من قبلُ ...بقرارات شفوية وارتجالية وبعيدا عن القانون والدستور...وهذا بسبب موقفي من الانقلاب ومصالحة الجنرالات... كما أنني ممنوع من دخول الجزائر الى غاية اليوم بسبب مواقفي ولم أحضر حتى جنازة والداي رحمهما الله.

أثار الفيلم الوثائقي الفرنسي حول الحريات والحراك في الجزائر حفيظة من شاهده من الجزائريين المنصفين  والموضوعيين...وارتأيت أن أتناول الموضوع ليس من باب ردّ الفعل،  وإنما  أردت توجيه رسائل لمن لازالوا يعتبرون الشعب الجزائري قاصرا وغير راشد... سواء كانوا من بعض الفرنسيس الذين يسيل لعباهم عند  ذكر ثروات الجزائر ولايزالون يحنون للمستعمرات القديمة، أو المستبدين في الجزائر الذين لم يتعلموا درس رؤساء تم إعدامهم !

الدولة العميقة في الجزائر واستعمال حراك السبت للتموقع من جديد!

كنّا قد تحدثنا عن الدولة العميقة في الجزائر، قبل أن يُرسّم الحراك شعبيا يوم 22 فيفري 2019 كيوم وطني، بسنوات، وأفردناها فيما بعد بمقال شرحنا فيه على الأقل الخطوط العريضة لهاته الدولة العميقة وأساليبها لمن أراد مراجعة ذلك.

وقد كانت هاته الأخيرة ولاتزال، تخترق الحراك بأساليب ووسائل مختلفة، بدليل أن الذين يردّدون شعار "مدنية وليس عسكرية" وكذلك: "الجنرالات إلى المزبلة" وغيرها من الشعارات والأهازيج... ومنهم من يطالب بحلّ الشرطة السياسية... يؤكدون أن الحكم في الجزائر لا يخضع لسلطة الشعب.

فمن السذاجة إذًا أن يُعتقد أو يُتصوّر غياب الاختراق في هذا الحراك. وليس من المنطق أن تخترق الأجهزة الأمنية المختلفة في الداخل والخارج الجلسات المغلقة، وتصل الى غرف النوم وأماكن الخلاء بتنصيب كاميراتها في الأجهزة لالتقاط وسماع أدق التفاصيل... ولا تستطيع الدولة العميقة بأجهزتها اختراق حراك على الهواء... !

قبل أن أتحدث عن إثراء الحراك في الجزائر، لابدّ من مقدّمة حتى ولو كانت مؤلمة لبعض الانتهازيين وراكبي الأمواج،  لاسيما وأنها تذكرهم بماضي قريب،  كانوا فيه  أداة  للقتل، وتشريد أسر ومناطق بأكملها،  ومنهم من حقق أموالا على حساب آهات الآخرين، وأي مهنة  وأيّ شرف لمن يتغذى من الدّماء والدّموع!

كنت ولا فخر من الداعين لتبني المصطلح الجديد "الحْـــَراكْ" ، وهي كلمة تم اشتقاقها من الحركة... في الندوات المتعلقة بالتغيير في الجزائر، التي كنت أديرها ، بدل مصطلح الثورة،  وفي كتاباتي وتعلقياتي...

 وهذا لتفويت فرصة شيطنة الاحتجاجات التي استأنفت  في جانفي 2011.
وكان جزء من تلك الاحتجاجات مفتعل لخدمة  الدولة العميقة وأهدافها، كافتعال جزء من أحداث أكتوبر 1988...للتحكم في مسار الاحتجاجات، والقيام بتغييرات لا تُلبّي في الأصل طموحات الشعب، بل تهدف لمنع التغيير وتنفير الشعب من خلال التخويف النفسي باستعمال المأساة، واستبدال الواجهة.

تحذير من فخاخ الدولة العميقة في الجزائر !

يُروّج  بعض الحمقى  لمنشور يدّعي صاحبه أنه  يؤرخ لبداية الحراك... بتواريخ  مُضلّلة... وشهادات زور، وتوجيه مُبطّن  ...
والمنشور مُلغّم ومقصود، بغية إظهار رشيد نكاز أنه من بدأ الحراك، لجعله مرجعا له ...ودعوة الناس للالتفاف حوله لاسيما وأنه يقبع في السجن،  ولربما اقتراحه لتمثيل الحراك للتحكم فيه وتأطيره،  ولكن أيّ حراك؟  هل الحراك المنطوق بالعربية الفصحى  "الـحَراك " من الحركة والحركية،  أم     ELHIRAK المشوّه والمكسور ؟

تملكني شعور رهيب قبل أن أخطّ هاته الكلمات، وقبل أن تخرج لويزة حنون من سجن البليدة العسكري  بساعات، وشعرت بغيظ كبير يكاد يخنقني...

وازدادت حدّة الغيظ بعد خروج لويزة حنون من السجن وأنا أراها محاطة بمناضلي حزبها في مكتبها، وهي تحمل هاتفها وتبتسم ابتسامة عريضة يمينا وشمالا وتتواصل مع زهرة ظريف التي ساندتها في محنتها ومن وقفوا معها.

 تساءلت مع نفسي: أين الرجال من حولي؟ أم ينتظرون حتى أعود  إلى الجزائر بعد هاته السنوات ... وأحضر لهم زردة كبيرة يأتون يأكلون فيها المشوي ويشربون ويرقصون...


إلى المتخفين وراء رئيس الحكومة المؤقتة بن يوسف بن خدة، الطاعنين في هواري بومدين:

قبل أن أبدأ حديثي، بودي أن أوضح مسألة في غاية الأهمية وهي:

يجب التفريق بين قيادة الأركان لجيش التحرير الوطني الممثلة في هواري بومدين ، والذي لم يعين من قبل رئيس منتخب ولو نسبيا، وفي دولة مؤسسات تنعم بالادارة والاتصالات والنقل والاعلام ...كما هو الحال اليوم.

بل كانت تواجه الاحتلال بوسائل محدودة، من قاعدة خلفية على الحدود التونسية. تشرف على التنظيم والتدريب والتسليح والتخطيط... فرضتها طبيعة الحرب، بدليل وجود خط شال وموريس...اللذين أنشِئا بغرض منع دخول السلاح، ومنع تدفق المجاهدين للأراضي الجزائرية...يكفي أن هناك آلاف من الشهداء سقطوا بسبب الخط اللّعين.

كما أن هواري بومدين تم تعيينه من قيادات في الثورة وعلى رأسهم عبد الحفيظ بوصوف وبن طوبال اللذين هما من مجموعة 21 +1 أو مجموعة 22. بعدما عجز كريم بلقاسم ومن بعده محمدي السعيد في تنظيم المجاهدين ... والخلافات التي كانت بينهم...ويكفي الرجوع الى اجتماع العقداء الذي ظل لأكثر من 90 يوم.

اقتربت منّي وعلامات الارتباك على محياها وفي  مقلتيها دمعُ...
تنهّدت حتى ارتسمت أضلاعها  على فستانها، وكادت أن تخرج رئتيها  وأمعاءها،  ثم تراجعت خطوة  واستعادت برهة بعض أنفاسها و ابتسمت، فظهر بلعومها وكاد أن يلتصق مع اللسان والأسنان...جاءت هبّة ريح فحركت شعرها...

طلبت مني أن أعيرها  عشرا  من الصبر ومن الفصاحة والبصيرة، حتى تستشرف السنة القادمة.

صاحت باتجاه الجماهير في الداخل والخارج  فوق شرفة بتغطية من عشرات القنوات ... وهي تحمل علما  ثلاثي الألوان  تنعبث منه رائحة المسك  -

تنادي:  كيف لك أن تصبر على الصبر؟ كيف يحسّ الاحساس؟ وكيف يسكن الوطن صاحبه ؟ وكيف يحنّ الحنين؟

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget