الشعور بالسجن في أوروبا وأمريكا عند تحرير الأسرى في فلسطين!
قد تبدو هذه العبارة صادمة ومذهلة بل ومؤذية في ظاهرها، لكنها تحمل بين جنباتها مفارقة عميقة يعيشها كثيرون منا، سواء في البلدان العربية والإفريقية التي يرمز لها بالاستبداد والشمولية أو حتى في أوروبا وأمريكا وأستراليا التي توصف بأنها رمز للتقدم والتحرر. كيف يمكن لشخص حرٍّ أن يشعر بالسجن بينما يرى الأسرى ينالون حريتهم؟ أليس هذا تناقضًا في المنطق؟ ربما، لكنه تناقض يعبّر عن حقيقة مريرة وشعور غريب يتملك الإنسان ويدعو أصحابه إلى التدبر والتفكير.
الحرية.. أكثر من مجرد غياب القيود
الحرية، أيها السادة، ليست مجرد غياب القيود الجسدية، بل هي إرادة وفعل وقدرة على التأثير، وسيادة فوق كل هذا واستقلال. إنها ليست مجرد الحق في التحرك جسديًا، بل الحق في اتخاذ القرارات، في تغيير الواقع، في الرفض والمقاومة، في إيجاد معاني جديدة لحياة الإنسان. عندما ينجح شعب يرزح تحت الاحتلال لعقود، محاصر جوًا وبرًا وبحرًا، محاط بجدران إسمنتية وبكاميرات مراقبة تصور النملة عند حراكها، ومحروم من أبسط الحقوق، في فرض معادلة تفضي إلى تحرير أسراه عبر مقاومة يحتار فيها العقلاء، وعندما لا يستسلم ولا يخون ويصمد رغم الإبادة التي يتعرض لها، وعندما لا يساوم رغم المغريات... فإن ذلك يعبّر عن قوة الإرادة والبصيرة والصبر والانتصار على القيود المفروضة عليه. فيما تبيع فئات في مجتمعات أخرى ذممها مقابل الفتات وتصبح أسيرة للشهوات والأهواء.