Articles by "قصص من الواقع"

أحمد، أو حمّود كما كان يُدلّعه أبواه  وأهله ومن يعرفونه،  ومحمّد، أو حمّادي كما كان يُدلّعه أبواه وأهله ومن يعرفونه...غادرانا إلى غير رجعة ـ في ظروف حرجة وحرقة شديدة ألمت بالعائلة والأقارب وكل من عرفهما.

 بكيناهما والألم يعتصر قلوبنا والحسرة تقطع أحشائنا... فأحمد أو حمّود؛ غادرنا وقد قتلته عصابة من بلدية الحمادية ضواحي برج بوعريريج شهر ديسمبر 2008،  وظلت العائلة والجيران وأهل المدينة في هلع شديد،  يبحثون عنه لمدة أسبوع بعدما اختفى عن الانظار... إلى أن وجدوه مكبّلا بأسلاك في بركة ماء ... وقد قتلته العصابة غدرًا وحقدًا وحسدًا...بعدما استدرجته واستعطفته لينقل لها  مريضا ... فسرقت منه سيارته وطعنته في الخاصرة بطعنة غادرة ومسمومة.

قبل أن أتحدث  عن الشهيد أحمد المطروش وعن إنجازاته التي حققها في الواقع؛  لابدّ من مقدّمة متواضعة - كأساسٍ لبنيان نتمناهُ، وتمهيدا لسيرة فحلٍ من الفحول، نقدمها كهدية رمزية لمن لا يعرفه من السادة القراء - حتى يأخذوا فكرة عن سيرة الشهيد، والمناخ الذي نشأ فيه، والمنطقة التي صقلت فيها شخصيته واشتدّ فيها عوده  بعيدا عن الغلوّ وبعيدا عن التعميم. لأن الحديث عن  أحمد المطروش،  هو حديث عن إرادة تكسرت أمامها قوة محتلّ غاشم وتهشمت... محتلّ جعل من الجزائر إحدى مقاطعاته لما بعد البحر - وبوابة لافريقيا - تلك القارة السمراء التي تعيش أوربا من خيراتها وكنوزها ومعادنها إلى اليوم...  بينما شعوبها يُقطعها الفقر والاحباط والحرمان- إلى درجة أن  شبابها يقطعون البحار بحثا عن لقمة العيش وعن مستقبل منشود.

إنّ مجزرة سركاجي كارثة حقيقية. قُتِلَ فيها مالا يقل عن 118 شخصًا، عكس العدد الذي صرّح به النظام وهو: 93 قتيلاً. والدليل في ذلك، أنّ مجزرة سركاجي نُسبت إلى الأخ بوعكاز الذي كان من بين المحكوم عليهم بالإعدام ! ومن الغرائب أنّ اسمه غير موجود في عداد القتلى، لمن لا يعرفه: هو ابن عقيد في الجيش !

الأغرب هو أنّ 17 قتيلا موضوعون تحت علامة مجهول (X)، والمعلوم أن كلّ سجين عندما يدخل السجن توضع له البصمات، ويتمّ تصويره، ولديهم كلّ المعلومات بشأنه !السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تمّ إخفاء هذه الأسماء؟ ولصالح من؟ كان من المفترض أن أكون أنا وعبد القادر حشاني رحمه الله شاهدان رئيسيان في مجزرة سركاجي، كون أنَّنَا كُنّا نقوم بوساطة بين النّظام والسُّجناء، يبقى السؤال مطروحاً: لماذا لم نُستدْعَ إلى المحاكمة ؟

لو لم يفر أبي الى المغرب، كان سَيُقْتَلُ مباشرة بعد الثورة من طرف أحمد بن بلة، سنة 1964، حيث وقعت مشاكل بينهما داخل السجن بفرنسا. "كان محكومًا عليه بالإعدام" !
للتوضيح: اتصل عبد العزيز بوتفليقة بوالدي داخل السجن بفرنسا مبعوثا من طرف هواري بومدين، حيث عرض عليه هذا الأخير  دعمه لإيصاله إلى الرئاسة، غير أن أبي رفض، فيما قبل أحمد بن بلة  بالمهمة، ولو رفض حينها، لما وصلنا إلى هذه النتائج الكارثية ! لم يكن أبي يتفق مع سياسة فرنسا، فهو لا يحب الفرنسيين وهم لا يحبونه أيضا، لقد فرّ من عنابة إلى فرنسا ثم إلى المغرب، وأخذ معه أخي الأكبر خير الدين الذي توفي في الثمانينيات. فمسألة الصراعات قديمة !

دخلتُ السّجن وخرجت منه، وسأسرد عليكم تجربتي وبعض الحقائق دون أن أخوض في التفاصيل.
لن أحدثكم في هذا الباب عن السّجن العسكري، الذي كان تحت رحمة الجمهورية التي أنشأها خالد نزار "وزير الدفاع السابق"، وسأحدّثكم فقط عن السجن المدني الذي يمثل وزارة العدل في الدولة التي ترفع شعار المدنية وحقوق الإنسان.
كنت ضابطا برتبة نقيب في القوّات الخاصة، أين تخرّج الآلاف من العسكريين على يدي، منهم من وصل إلى رتبة عقيد، ومنهم من أصبح برتبة جنرال في الوقت الحالي ! لم أكن أحتاج إلى إعادة التربية من طرف أعوان هم بحاجة إليها !

كان محكوما عليّ بثلاث سنوات سجن، بعد محاكمتي  في المحكمة العسكرية ببشار في إطار جنحة، وهذه الجنحة ليست  مُصنّفة في إطار قانون العقوبات الجنائي. قضيت سنة كاملة من العقوبة التي سُلطت عليّ.

سنة 1995 كان سني 15 سنة ، كنت مهدّدا من طرف الإرهابيين من أبناء حيي .عند وصول الساعة 6 مساء كان يخيم الرّعب على كافة أنحاء العاصمة ، كان الجوّ مخيفا حقا .

كان بعض الاسلاميين من جيراني لهم علاقة بالعمل المسلح وعددهم ثلاثة . كانوا يريدون تجنيدي لصالحهم قصد التجسس على بعض الجيران و لأعطيهم بعض المعلومات حول من يعملون لصالح النظام من ضباط وشرطة وجمارك ...الخ

قتلا اثنان أما الآخر لست أدري هل مازال على قيد الحياة؟ هم من جيراني ولا أستطيع ذكر اسميهما لظروف شخصية وعائلية.

لم أقبل بالمهمة وغادرت المنزل خوفا على حياتي ،توجّهت بعدها الى ولاية تلمسان أين قضيت عاما أو يزيد ثم عدت الى العاصمة الجزائر ،كانت طرق الاتصال صعبة وقتذاك ولم أكن أقدر على التواصل الا بشق الأنفس نظرا لظروفي.

غادرت الجزائر سنة 1999 الى فرنسا ، كانت نفسيتي مضطربة جدا نظرا للأهوال التي عشتها في منطقة غليزان. كانت كوابيس كثيرة تزعجني وتطاردني وتسرق النوم والابتسامة والأحلام مني .

أردت بهذه الشهادة المتواضعة كمواطن يغار على بلده أن أصفي ضميري وأن أخفف عن نفسي من عبء المأساة ، وأن أترك هذه الشهادة بين أيديكم، علّها تساهم في توضيح الخط الأبيض من الأسود.

بعد التعذيب الذي تعرّضت له في سجن سطيف، وبعد العمليات التي أجريت لي في المستشفى نتيجة الإصابات بالرّصاص، نُقلت في سيارة إسعاف إلى سجن تازولت دون محاكمة.

كانت ثلاث حافلات مملوءة بالمساجين، أغلبهم من أنصار الجبهة الاسلامية للإنقاذ، تمّ نقلهم من سجن سطيف الى هناك.

عند وصولنا: كان في استقبالنا حرّاس السّجن، يقفون مقابل بعضهم بعضا في رواق على شكل صليب، ويحملون قضبانا حديدية يضربون بها المساجين... المحظوظ فينا من وصل إلى الساحة واقفا !

أثبتت الشهادات المتواترة براءة النائب حسين عبد الرحيم، من عملية تفجير المطار التي حدثت في أوت 1992، "وَاتُّهِمَ بِهَا ". وأجمع أصحاب الشهادات بأنّ جهات أخرى هي من يَقِفُ وراء العملية ...حسين عبد الرحيم: فاز بالانتخابات التشريعية بدائرة بوزريعة ممثلا عن الجبهة الاسلامية للإنقاذ، سنة 1991. وأُعْدِمَ في بلدية تازولت التّابعة لولاية باتنة شرق الجزائر، بعد عامٍ من الحُكم الذي صدر ضدّه، وكان قبلها يقبع في سجن لومباز الذي تركته السلطات الاستعمارية ...

لم أكن أريد العودة للحديث عن محمد الوالي رحمه الله، لولا استغلال منشوراته وتعديلها وحذف مناشير أخرى من طرف أناس لم يكن أحد منهم يعرف اسمه الحقيقي ولا صورته...

واستغلوا بعد موته الذي يبقى محل تحقيق عداءه للإخوة القبائل متخفين بقضية الزواف...ونسبوا له أعمالا لا علاقة له بها بل كان يجهلها ولا يعرف عنها شيئا ولمن أراد أن يتأكد فليسأل الأخ شوشان الذي كان على تواصل معه قبل أن يفترقا ويعلن عن وفاته... كل هذا للتخفي باسمه والصاق ما تقوم به هاته العصابات للمجهول ...

وكذا اعادة بعث منشورات كانت تنشر على صفحته ... للنفخ في فتنة بين العرب والقبائل من أجل خدمة جهات يخدمها التمزق. وكذا ابعاد عامة الناس من متابعة الشهادات التي تفضح العصابات وتمنع وحدة الجزائريين...

ولذا وجب توضيح بعض النقاط وسأعود الى الموضوع ربما لاحقا وأنشر بعض التسجيلات التي تؤكد كلامي حتى أدحض الكثير من الاكاذيب والاغاليط التي نسجت حول محمد الوالي.

قبل أن أقرر الهجرة

القصة الرابعة : عملية الماجن وتوقيفي من العمل سنة 1994 !

مثلما تحدثت في وقت سابق عن العمل في مدينة برج الغدير لظروف وكذا ابتعادي عن الفندقة والسياحة...لأسباب ربما سيأتي شرحها.
رضيت أن أشتغل في ثانوية برج الغدير... وكنت وقتها أمرر ورقة الحضور والغياب بالتناوب مع شخص يدعى لخضر كما اشتغلت بالمكتبة وكنت من يحضر الشهادات المدرسية...لفترة.

احتاج طاقم متوسطة برج الغدير المسماة عن الشهيد عبد الكريم العقون وهي المتوسطة التي درست فيها فترة المتوسط ...مرافقا للطلبة الذين كانوا يتناولون وجبة الغداء هناك كون أن الثانوية لم تتوفر بعد على مطعم...فذهبت لاشتغل كمبعوث من طرف الثانوية.
وفي أحد الأيام من سنة 1994 : وقعت عملية مسلحة بحي الماجن كنت أجهل تفاصيلها وإلى اليوم والله أعلم بذلك...وبينما كنت قادما الى العمل من مقر سكني ... وأمام مقهى حميميد المدعو الستوب...تفاجأت بوجود قوات الدرك ووجود سيارة من نوع 504 بيضاء اللون في المنعرج باتجاه غيلاسة والزجاج مكسر...
فترددت في المشي وبقيت أخاطب نفسي: هل أذهب الى العمل أم أعود؟ وكان وقتها أي شك يمكن أن يؤدي بحياتك.

كنت تحت الرقابة كما سبق لي وأن قلت في القصة السابقة من طرف أعوان الشرطة بسبب وقوفي الى جانب رئيس البلدية موسى شلاخ والنائب عبد الرشيد بولعواد المنتخبين بأغلبية ساحقة وكذا وقوفي ضد عصابة الانقلاب.

قبل أن أقرر الهجرة -القصة الثالثة: جواز السفر و الارهابي !


قبل أن أحدثكم عن جواز السفر  وتهمة الارهابي التي تم اصطناعها في مخفر شرطة برج الغدير ضدي من طرف عون أمن... مع أنني لم أنتم الى أي جماعة مسلحة ولم أحمل سلاحا...والناس لايزالون أحياء وبإمكانهم أن يشهدوا ضدي...ذنبي أنني انتخبت على رئيس بلدية الفيس موسى شلاخ وناصرته وكذا النائب عبد الرشيد بولعواد...وقمت كغيري بالاحتجاجات في ولاية برج بوعرريج ضد الاعتداء على الارادة الشعبية بعد توقيف الانتخابات ووقفنا ضد الانقلاب وزمرة الانقلابيين  بصدورنا العارية.

قبل أن أقرر الهجرة...

كانت الجزائر تعيش مرحلة صعبة من تاريخها وعلى وقع المجازر والمفخخات. كنا نستيقظ أيام اليمين زروال ولا يعرف أحدنا هل يمسي...؟ كان الشعار المتداول "الذي لم يمت عهد زروال لن يموت أبدا"...كان سيف الحجاج يطال المعارضين بسبب أو آخر ...لا سيما بعد تعثر الحوار مع قيادة الجبهة الاسلامية للإنقاذ على خلفية عثور رسالة علي بن حاج وقويسمي.

وأنا نازل من القرية التي أنحدر منها "الدشرة" في سيارة النقل الريفي التي كان يقودها أحد الأقارب "عبد القادرخبابة" ...وعلى بعد 1 كلم من أمام الصفية لمحت سيارة الشرطة من نوع نيسان بيضاء اللون ... فوق الجسر عند مدخل برج الغدير فعلمت أن هناك حاجز...ومن قوة حدسي قلت لابن العم عبد القادر...سيتم ايقافنا...فقال لي: دعك يارجل وعلى ما يوقفونا...؟ قلت له: سيوقفونا زكارة...قال يا رجل دعك من هذا الكلام...


قصص واقعية حدثت معي في الجزائر أثناء التسعينيات قبل أن أقرر الهجرة !

القصة الأولى : الدابة والمجزرة!

ذهبت الى عاصمة الولاية برج بوعرريج،  قادما من دائرة  برج الغدير أين أشتغل، لأسدد فاتورة الهاتف الخاص بمحلي الكائن بحي السعادة ببرج الغدير نهاية التسعينيات... وعند عودتي من الولاية  الى القرية التي أنحدر منها... تفاجأت بالأعداد الهائلة من قوات الشرطة والدرك والحرس البلدي  والجيش ووجود مدرعة مقابل البيت... وجموع من المواطنين...وعائلتي في حيرة كبيرة  وأبنائي الصغار في حالة رعب. ومباشرة بعد إطلالتي وأنا نازل بطريق المسجد المحاذي لمسكننا... صوّب الجميع أعينهم إتجاهي وكأني بهم يقولون: ها هو أتى...


على خلفية أن مدينة برج الغدير كانت مركزا للسلاح على لسان الخبير في الشيتة...عادت بي الذاكرة الى سنوات الدم والدموع، فتذكرت بعض الإخوة الذين قتلوا، والذين اختطفوا، والذين سجنوا،  ظلما وعدوانا...وطار عني النوم ! تذكرت بعض  من مات شينة الميتات في حادث مرور... ومن سقط من السقف وهو يقوم بالتجوال  بين القنوات الفضائية ... و من ابتلاه الله بمرض حتى أصبح يتمنى الموت، و من ابتلاه الله في بيته وبأولاده... ومن ابتلاه الله بالعقر، ومن ابتلاه الله بمرض الزهيمر .... وتذكرت بعض من مازال ينتظر دوره ...وأنا على يقين أنه سينال جزاءه في الدنيا قبل الآخرة "إذا لم يتب من ظلمه"...

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget