على كتفي الرئيس هواري بومدين !

الذين صعدوا على كتفي الرئيس هواري بومدين


على كتفي الرئيس هواري بومدين !

دموع طفلة كانت سببا في كتابة هاته  الأسطر، ما أتمناه هو أن تكون على قيد الحياة.
طفلة حركت مشاعري وجعلت قلمي يسيل  دون حبر، و كلماتي تئن وتصرخ على لوحة المفاتيح.

طفلة ليست ككل الأطفال، صغيرة بسنّها لكنها عجوز بكلماتها، ليست عجوزا كما هم عجائزنا في الحكومات المُتتالية لقصر نظرهم وحركتهم، ولاهي عاجزة عن التعبير كما هو يزيد زرهوني، الذي يتأتئ في كلامه ولا يستطيع أن يأتي بجملة مفيدة خالية من الأخطاء، حتى بلهجة الدارجة، التي تعرفها الدجاجات إذا نودين بها.

إنها عجوز بحكمتها وفطنتها وفطرتها السليمة التي جعلتها تلك الفتاة الجزائرية التي تغار على رئيسها وتحزن، وهي التي دفعتني دفعاً لأذكر الناس بها ،لست أدري هل لا زالات تعيش في هذا الزمان أم ماتت غيظا من ذهاب الرئيس الراحل هواري بومدين رحمه الله؟

كانت دموعها تسيل وهي تبكي على فراق الحبيب موستاش، تبكي لمستقبل الجزائر بعد غيابه، وكأنها علمت وقتذاك بأن الدّماء ستسيل، والحوامل ستُبقر بطونهن، والأطفال سيُيتمون، والنساء ستُرملن ؟

 يالها من كلمات ! ما أثقلها وما أبلغهاسألها الصحفي وهو يُعدُّ برنامجا لتخليد ذكراه، إنه الصحفي المحبوب المنسي مدني عامر ذّكره الله بخير، سألها: لماذا تبكين ؟ فقالت :

أبكي على الرئيس لأنه كان يدافع عن الفقراء والمساكين، تبكي وتقول: لم أكن أصدق بسماع موته وأنا جد حزينة لفراقه، تبكي وهي طفلة لا تتعدى السبع، وكأنها تبكي والدها. هي رسالة لمن لازالوا يبحثون عن ثقة الشعب.

لن أمكث طويلا مع بكاء الطفلة حتى لا يتحول موضوعنا إلى عويل، إنما سأبقى أحرك سبابتي على جهازي وأبعث برسائل إلى الداركين فلعل وعسى.

مات هواري بومدين وبقي برنوسه كذكرى لمن عرفوه، وقد حاول بعض الأقزام ارتداءه، لكن قصر قامتهم جعلهتم يظهرون للزائر كما يظهر الطفل الذي أراد أن يلبس حذاء والده وقميصه وربطة عنقه.

ليس من الرجولة أن يتخفى حيّ بميت، وليس من المروءة أن يستنجد حيّ بميت، لكن هذا هو زمن الرخص الذي وصلنا إليه بسبب سياسة حكامنا، زمن بيع الأقصى وشراء قصر على شاطئ في أوروبا.

زمن بيع رسالة خالد بن الوليد وتشجيع شراء أشرطة الشاب خالد، زمن تكميم أفواه الجزائريين والتحدث عن تحرير الصحراء الغربية بل والشعوب الأخرى.

كثير ممّن لا يحملون مشاريع فكرية أو حتى إجتماعية، إذا ماسألت الأغبياء عنهم أجابوك بأنهم من جماعة بومدين. سواء أكان وزيرا في عهده، أو من الذين كانوا في صفوف الجيش معه ووصلوا إلى مراكز القرار على كتفي بومدين.

كان الراحل محمد بوخروبة لمن لايعرف إسمه الحقيقي،  يظن أنه يبني وسيترك من يحمل المشعل من ورائه، لكنه رحل وبقي حتى الآن من يستعمل برنوسه للبقاء في السلطة أو الوصول إليها، ظنا منه بأنه من رجال بومدين ويلعب على عاطفة الشعب لأنه يدرك مكانة بومدين في قلوب الجزائريين.

تركوا اللغة العربية التي ناضل من أجلها وبنى الجامعات، وتحدثوا بلغة ديغول وياليتهم أحسنوها وتحدثوا بها مع الأجانب، بل خاطبوا بها شعبهم الذي نسبة الأمية فيه تعدت الأرقام القياسية، تركوا الطبقة الوسطى التي كانت تشكل غالبية الشعب، من خلال التكافل الإجتماعي، تركوا سياسة الدّعم التي كان يوليها  للفقراء والمساكين، ووصل الحد اليوم  بالبسطاء من الناس إلى اللّجوء إلى المحسنين لأجل إجراء عملية جراحية ،بل وصل الأمر بالبعض لشراء مادة السيروم للمرضى، وقد إشتريتها شخصيا لوالدي رحمه الله ووالدتي أطال الله في عمرها قبل أن أغادر بلدي الأم.

 تركوا صدق بومدين في خطاباته مع الشعب وتواضعه مع الناس، وصاروا جبابرة أكاسرة، تركوا عداء بومدين للطغاة والمستبدين، وملوك العهر وصاروا يفرشون لهم البساط ويعانقوهم، بل  يبوسون أيديهم للصفح، تركوا أصدقاءه وأقاربه وعادوهم.

تركوا…تركوا…تركوا…تركوا. …تركوا…واكتفوا بذكر بومدين في جلسات مغلقة أو في موائد مستديرة أو في خطابات حماسية لدغدغة عواطف الكادحين للوصول على كتفيه لتحقيق مآربهم الدنيئة فإليهم نقول: فاقو.

نورالدين خبابه 26 ماي 2008


إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget