أسئلة حول الحراك في الجزائر بعد عامه الأول؟

عام على الحراك في الجزائر

بعد أيام من الآن، يحي الجزائريون الذكرى الأولى  للحراك  الشعبي،  الذي انطلق يوم 22 فيفري 2019، نتيجة اقدام الموالين للرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة تقديمه للترشح بالنيابة لعهدة خامسة وهو عاجز عن الحركة والكلام.

 وقد حدثت في العهدة  الرابعة تناقضات وتخبطات وقرارات ... جعلت الجزائريين والجزائريات يعبرون عن غضبهم واستيائهم ورفضهم في احتجاجات مختلفة،  شارك فيها الأطباء والأساتذة ... وحالة تسيب شهدتها عدة قطاعات ... وكان ذلك مقدمة للحراك الذي نحياه.

إنها المرة الأولى في تاريخ الجزائر، التي يتواصل فيها الحراك لمدة عام كامل وبشكل سلمي. ومع تقلبات الطقس بين الحرارة والبرودة،  والاختراق الايديولوجي، وإحياء النعرات، والتخويف والتشويه الذي تمارسه بعض العصابات،  وأنواع الضغط المختلفة...

 ظل الجزائريون يخرجون بمئات الآلاف كل جمعة وثلاثاء  في ولايات مختلفة ...يطالبون بحقهم المشروع، لبناء دولة عصرية  اجتماعية مرجعها  بيان أول نوفمبر 1954، تلبي طموحات الشعب وتقضي على نظام  العصابات الذي عطل الجزائر باختصار وبدّد ثرواتها وجعلها محل سخرية  في العالم...


حيث يعيش الجزائري فوق بحيرة  من الماء العذب  وهو عطشان، وفوق أنهار من البترول والمعادن المختلفة وهو محتاج للتدفئة والطاقة،  وفوق جبال من الذهب تحيطها حدائق غناء وبحار تزخر بالمرجان ... وهو يبحث عن كيس من الحليب أو كلغ من الحوت العادي...الخ.

ومع أن بعض المتهورين والمغرورين داخل الحراك، وبعض المكلفين بمهمة،  آلمهم المصطلح  لما يحمله من معاني سلمية  وحضارية ...أرادوا أن  يحوروه عن عقلانيته وموضوعيته ويحولونه إلى مصطلح أكثر تشددا يكون مقدمة لثورة دموية عارمة...  وظل منهم من يشحن المواطنين  صباح مساء  ويحرضهم  على التصعيد...  وكأنه متشوق الى المواجهة و إنهاء الحراك ...وإهداء المبادرة الى دعاة التقسيم وعصابات الدولة العميقة ؟

الاّ أن الجزائريين في غالبيتهم  وبمدنية غير معهودة ووعي تصاعدي .... وعوا درس المحرقة التي حدثت في الجزائر إبان التسعينيات،  وفوتوا بذلك فرصا كثيرة على  الدافعين للمواجهة، فلم ينساقوا لمخططاتهم، ولم يدخلوا في احتكاك لا مع قوات الأمن ولا مع قوات الشرطة على العموم ولا مع فئات مدفوعة، وكانوا واعين بالمؤامرات الدولية ... وبقوا صامدين ومتشبثين  بسلامة الحراك ويتطلعون الى مستقبل واعد وجزائر منشودة.

وفي نفس الوقت، مع ما يقال على قيادة الجيش  التي كان يرأسها الراحل أحمد قايد صالح، والذي كان داعما لعهدات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بلا شك، الا أنها لم تدخل في مواجهة دموية مع الشعب كما حصل في التسعينيات أيام وزير الدفاع الأسبق خالد نزار ومدير الأمن الجنرال محمد مدين المدعو توفيق عندما أعطيت التعليمات لفك الاعتصام وأعقبتها الاعتقالات والسجون والمحاكم الخاصة وسالت أنهار من الدماء ودموع  لم تجف بعد.

إنّ الحراك أعطى الفرصة لقيادة الجيش أن تفرض واقعا على حاشية الرئيس،  وبذلك تم إدخال بعض رؤوس الدولة العميقة إلى السجن وبعض بارونات الفساد،  وأعطى فرصة الى الشعب لكي يخرج من الحالة  النفسية الصعبة التي ظلت تلاحقه  بعد المحرقة وتمنعه من التقدم...وأعطى الفرصة لكثيرين من الشباب في ميادين متنوعة أن يبرزوا طاقاتهم من خلال النشاطات المختلفة...

لكن الحراك في المقابل بعد عام لم يحل الأزمة بعد، ولم يغير النظام،  بل لم ينجح حتى في إخراج بعض النشطاء، الذين اعتقلوا بسبب الحراك،  من السجن، ولم يعد اللاجئين الى الوطن ، ولم يعد الكفاءات ، ولم يرفع القيود التي لاتزال تمارس الى اليوم على بعض الناشطين.

وأعطى في المقابل الفرصة لصناع القرار لاستعادة المبادرة...ولسنا ندري هل سنتقدم الى وضع أسس صحيحة لجمهورية جديدة  أم ستضيع فرصة التغيير مرة أخرى   مع مرور الوقت،  من خلال احتواء الحراك  في غياب تأطير واع،  تشرف عليه نخب مثقفة ونظيفة من الفساد المادي والأخلاقي ـ تعرف ألاعيب النظام وما يحاك ضد الجزائر، وما يحيط بها من مؤامرات وقوى دولية يسوؤها أن تنهض الجزائر وتصبح  رقما فاعلا في العالم لا مفعولا به؟

نورالدين خبابه 28 جانفي 2020

إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget