التبرّك في ديسمبر ببابا نوال وحرق الغابات في جويلية الاستقلال !

حرق الغابات في شهر الاستقلال وشراء أشجار الصنوبر للإحتفلال ببابا نوال


النّاظرُ لما يجري في الجزائر منذ الانقلاب على الإرادة الشعبية التي أفرزت فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ، برئاسة عبد القادر حشاني رحمه الله، بأغلبية المقاعد في البرلمان سنة 1991م، وفوز كلّ من جبهة القوى الاشتراكية بقيادة آيت أحمد، وجبهة التحرير الوطني بقيادة عبد الحميد مهري بعدها، وما صاحب قرار توقيف المسار الديمقراطي المشئوم من تداعيات، يُدرك تمام الإدراك بأن فئة من المُتنفذين العملاء، تريد أن تفرض واقعا على الشعب الجزائري من خلال استعمال عامل الوقت بقوة الترهيب تارة و بسياسة شراء الذّمم من خلال الترغيب تارة أخرى، ولا تهُمّها مصلحة الشعب.

نحن الآن على مشارف العشرين سنة ولا تزال الأمور كما هي عليه، بل تزداد تعفّناً وتفاقماً من يوم إلى آخر، وما العملية التي أودت بحياة أكثر من 20 عسكريا البارحة


بالقرب من ولاية تيبازة إلا واحدة من مئات العمليات التي حدثت في وقت سابق، وتكفي الإشارة إلى من قبلها بأسابيع، والتي راح ضحيتها أكثر من أربع وعشرين دركيا بالمنصورة ولاية برج بوعرريج، والمحزن له في هذا الوقت هو أن الطبقة السياسية الحالية أظهرت عدم نُضجها ومحدودية تفكيرها وأنها ليست في مستوى التحديات التي يتطلّع إليها شباب الجزائر الذي يُكوّن الأغلبية الساحقة، وهو المُبعدُ قسريا من صناعة الرأي والقرار وحُدّد له أن يموت يأساً أو انتحارا أو في أعماق البحار.

قيل بأنّ الشعب الجزائري شعب أبي، وأنه شعبُ المعجزات كما كان يُردّد أحدُ قدماء المجاهدين، ولكن لست أدري متى يتحقّق الاستقلال الحقيقي، وتتعافى الجزائر ممّا هي عليه الآن، أم عجز المُمرّضون الذين مارسوا مهنة التطبيب دون شهادة أو اختصاص، من مداواة الجزائر وشعبها الذي أنهكته المحن بالمسكّنات، وحان الوقت لأن تجد الجزائر طبيبا يُداويها، جرّاحاً لا برّاحًا، من الأمراض المستعصية الكثيرة التي أصابت جسمها.

أكاد أجزم أنّ الجزائر، لولا دماء الشهداء الزّكية التي سُقيت بها الأرض عبر مرّ العصور، والضريبة التي دفعتها من أجل الحرّية والانعتاق من براثن الهيمنة والاستكبار، لأحرقت كما أحرقت أفغانستان وزال اخضرارها وبياضها.

العجب في هذا الزمان هو حتى الأصواتُ التي كانت تشجبُ وتندّد في وقت سابق اختفت هي أيضاً، وكأنه لم يبق في الجزائر إلا حفّارو القبور، فأين هي الشخصيات المنزلية “الوطنية” التي تظهر فقط أثناء الانتخابات أو خلال تشييع الجنازات، وأين هم دعاة الجزائر الذين يعيشون عيشة الغرب ويتمنّون موتة الصحابة، وأين هم دكاترة الدّجل وأين هم الباحثون على الامتيازات، لا الباحثون على العلم والحقيقة، وأين هم أساتذة التملّق وبائعو الهوى وأين هي الأقلام المأجورة ممّا يحدث… أم أصيب الجزائريون باليأس وبقي فقط تعدادُ الموتى عبر قنوات الإعلام أو “قنوات صرف المياه “، إلى أجل غير مُسمّى؟

هل قدر الجزائر التي تحمل في ثنياها فكر ابن باديس، والإبراهيمي، والورتلاني، والميلي، أن تستنجد بدعاة من الخليج ؟ هل قدر الجزائر التي تحمل فكر مالك بن نبي أن تستنجد بمحللين لا يقدرون حتى على التعبير؟ هل قدر الجزائر التي أنجبت بن مهيدي والعربي التبسي وعميروش وزبانة ومفدي زكريا وغيرهم، أن تعيش هذه الحالة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية؟ يا لها من مفارقات عجيبة في جزائر خالد وخليدة! جزائر مامي والزهوانية وناس املاح سيتي وبلاد ميوزيك!

هل حان الوقت لأخذ المبادرة وعدم الاتكال على الغير؟ هل حان الوقت يا من مازالت عروقكم تنبض أن تحرّكوا أجسامكم الهامدة وأقلامكم الجامدة وألسنتكم التي أعيتها المرطّبات حتى لا يتوقف ما تبقّى في عروقكم من نبضان؟ هل حان الوقت لأن نحرر الجزائر من هذه العصابة التي ساهمت في قتل ثلث ما قتلته قوى البغي والاستكبار خلال 130 سنة؟ أم كُتب على الجزائر التي تزخر بمعادن وتاريخ وجغرافيا وطاقات، أن تستورد أشجار الصنوبر المقطوع في ديسمبر تبرّكا ببابا نوال وتُحرق غابات بكاملها في جويلية شهر الاستقلال ؟ 
 
هل حان الوقت لأن تستعيد الجزائر مكانتها بين الدول أم كُتب عليها أن تبقى حبيسة تصورات ظرفية وارتجالية وتشخيص خاطئ ووجهة للطامعين في التراب واللحم الطري والجو الجزائري عبر مهرجانات العري والعار وتبذير المال العام وشواطئ الخزي، وأشلاءُ الجزائريين تتناثر كل يوم فلا طبيب ولا مُعزّي؟ نور الدين خبابه 30 جويلية 2009

إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget