في كثير من الأحيان أُحمّل نفسي ما لا تطيق...أشعر بالملل وأفكّر في الانزواء و الابتعاد نهائيا عن الأنترنت وعن تحمّل المزيد من المسؤوليات... أقطع اتصالاتي ...أفكر في ذاتي، في عائلتي، في صحّتي...
وبينما أطالع بعض الردود والتعاليق... أشعر بالقرف، أشعر بأن ترك الساحة هو انتصار للمحتالين والمضلّلين وبائعي الأوهام، هو انتصار لأولئك الذين يسعون ليل نهار لإسكات صوت الحقّ الذي بدأ يزأر حتى لا تتضح حقيقتهم...
هو انتصار لأعداء الوطن لكي يواصلوا نهبهم وخيانتهم، هو انتصار لمن يراهنون على فشلنا، يغيظهم أي نجاح وتسعدهم أية نكسة...
هو انتصار لكثير من الحركات الهدّامة التي تعمل بلا انقطاع، لتجعل منا أجساما بالية وأوطانا للمتعة ، هو انتصار للرداءة، انتصار لفعل الشرّ...
أستنشق أنفاسي وألملم جراحي ...أتذكّر بعض الصالحين ، أتذكر معاناة الأنبياء، أتذكر ما لاقوا من تهميش، ما لاقوا من سخرية، ما لاقوا من تعذيب، بل من قتل ...أتذكر الشهداء الذين تمزقت أجسامهم دون أن تتحرك قناعة واحد منهم...أتذكر من ماتوا تحت المقصلة وهم ينادون: الله أكبر- تحيا الجزائر.
أتذكر بعض المفكرين والأدباء... الذين كان منهم من يكتب وهو يعلم أنه لا أحد سيقرأ له ، بل يقوم بواجبه ويبذل جهده ، فلعل جيلا آخر سيأتي من بعده وينصفه ، وسيعلم كم كانت القابلية للاستعمار متوثبة في النفوس وكم كان الصالحون يعانون من الشعوذة ...فيما ترفع الأعلام للخونة وأهل الأهواء...
فتجد الكثيرين في الأسواق مجتمعين فرادى وجماعات حول مدّاح ، مجتمعين حول راقصة، مجتمعين حول جلد منفوخ ...لا يعبأون بما يجري للوطن...بل منهم من يردّد: ماذا أعطيتني أيها الوطن اللعين؟
أؤنب ضميري، وأخاطب نفسي : كم أنت مقصرة أيتها النفس الأمارة بالسوء، الى أين تريدين الذهاب بي، أتريدين أن تخلدي للرّاحة وتتركي هذه العواصف الهوجاء التي تريد أن تقتلع الانسان والحيوان؟
عليك أن تصبري ،أن تقاومي، أن لا تتعجلي... وأسألها باستفزاز : ماذا لو كانت سكرة الموت؟ عليك أن تضاعفي من نشاطك، برهني كل يوم أنك لا تبالين بالمثبطين ، لا تبالين بالمعتوهين ، بالحسدة والمبغضين... لا تهتمي بمن يناصرك وبمن يعاديك، أنت لا تعملين لإرضاء الناس، أنت لا تعملين لصالح حزب أو شيخ أو زعيم أو شيخ قبيلة ...فماذا تنتظرين من المفلسين...؟حلقي مع النسور طائرة ولا تهتمي بنقيق الضفادع والضباع ...دوسي على رقابهم أكثر...ألجميهم مزيدا من الحجّة ...
أواصل المشوار ولا أدري متى يتحرّر الجبناء من خوفهم ؟ متى يتحرّر الانتهازيون من أنانيهم ؟ متى تتحرر الألسنة من عقدها؟ متى تتحر النفوس من أهوائها؟ متى يتحرّر أهل البخل والشح ّ؟ متى يخرج الأسود من عرينهم لتلقين الدروس لمن عاثوا في الأرض فسادا؟ يا نفس صبراً ، لا أريد لك الاّ خيراً فلماذا تريدين لي الشرّ؟
نورالدين خبابة 16 أوت 2015
إرسال تعليق