الجزائر بين الماضي والحاضر والمستقبل !

الجزائر بين الماضي والحاضر والمستقبل

لا أعتقد أن جزائريًا عاقلاً أمينًا... لا يستطيع التفريق بين المراحل الثلاثة التي عنونت بها مقالي.

وأنت تقرأ أو تسمع  بعض المدعين لمعرفة تاريخ الجزائر من عدة نواحي، وهم يضللون شبابا  تائها "وأنا هنا لا أعني البتة المؤرخين ولا العارفين بالتاريخ"،  بل أعني فئة من المدعين لمعرفة التاريخ...تصل الى قناعة بأن هؤلاء المرضى وكأنهم يعيشون كوكبا آخر.

كيف وهم يجهلون الحاضر الذي يراه العقلاء في رابعة النهار تحت شمس حارقة، ويعيشونه بآلامه ومراراته المختلفة، ويتجرعون فيه الأسى والحسرة كل يوم.  يسوقون هؤلاء في خطاباتهم وفي تحليلاتهم وفي مواعظهم الأوهام  التي تتحطم كل يوم بالوقائع... ويريدون  أن يأمنهم الناس على معرفة الماضي؟

صحيح أن الجزائر لها تاريخ عريق لابد أن تعرفه الأجيال المتعاقبة وأن تفتخر به، ويجب أن تحافظ عليه وأن تدوّنه بوسائل العصر، فلدينا علماء ولدينا أبطال ولدينا مؤرخون ولدينا آثار ومناظر خلابة...
وصحيح لابد من التطرق لمواضيع تتعلق بالتاريخ قصد تنقيته من الشوائب والشبهات ...ولكن التاريخ النظيف الذي نطمح اليه لا يُكتب بالنزوات ولا وفق الرغبات ولا بالحقد والضغينة وتصفية الحسابات، ومن يكتبونه يجب أن تتوفر فيهم شروط المؤرخ  باختصار.

أي منطق هذا الذي يبقينا نعيش مع الماضي... دون أن نلتفت الى حاضرنا ومستقبلنا؟ صحيح أنه لا حاضر دون ماضي، ولكن : أيعقل أن نعيش المستقبل دون أن نعيش حاضرنا؟

صحيح أن الجزائر منذ العصور الأولى تعرضت الى غزو لعدة عوامل،  وصحيح أن الشعب الجزائري رفض الغزو  عبر العصور وقدم تضحيات جسام ربما لم تقدمها شعوب أخرى...وصحيح أن الجزائر تعرضت الى فتن  ومؤامرات والى كوارث...ووقف رجال مخلصون ومصلحون وقاوموا الغزو بكل ما أوتوا من قوة...حتى غيروا المعادلة.

ولكن: ألم تتعرض بلدان أخرى للغزو والفتن والمؤامرات وحققت النهضة ، فها هي فرنسا ، ألمانيا، اسبانيا ...و دولة  كجنوب افريقيا ...وفي آسيا ...بل دول عربية في الخليج  لم يكن لها تأثير ولا أثر في الستينيات ولا حتى السبعينيات ها هي تقفز قفزات  وتصبح قطبا في السياحة والاعلام والعمران ... فأين هم الآن وأين نحن؟ هل هم يعيشون حاضرهم أم ماضيهم؟ وماذا فعلنا بتاريخنا؟

ما قيمة هذا التاريخ إذا كان الحاضر تعيسا والمستقبل مجهولا؟ ما قيمة هذه البطولات إذا كان من يقود الجزائر مشلول نسمع أخباره عن طريق الإعلام الأجنبي؟ ما قيمة هذا التاريخ إذا كان مفجر الثورة يُغتال أمام أعين الناس، وابن الشهيد يُذبح ويختطف، وابن المسبل والفدائي يُسجن ويهان،  وحفيده في مستشفى الأمراض العقلية، أو مصاب بأمراض مزمنة أو لاجئ في أوطان الناس؟ وإذا ماأراد الناس معرفة الحقيقة أتهموا بأبشع الأوصاف.

ما قيمة هذه الثروات التي حبا الله بها الجزائر، إذا كان الجزائري يموت في أعماق البحار بحثا عن أمل، وتعيده الأمواج الى الشاطئ ، فيما يصل المرجان واللؤلؤ والزيتون والعنب والرمان والغاز...الأمريكان والفرنسيس والأنجليز والألمان  والطليان...بلوحة التحكم وهم في قصورهم؟ ما قيمة الثروات السياحية التي أعطاها الله الجزائر، إذا كان الجزائري يجهل مواقعها السياحية أو محروم منها،  فيما يذهب الى بلدان أخرى  كتركيا أو الامارات أو تونس أو ماليزيا ويجد فيها من يرحب به ويستقبله؟

أيها السادة: كما يجب أن نفتخر بماضينا وندرسه بعد تنقيته كما أسلفت من قبل، علينا أن نقر بأن حاضرنا يدعو للحيرة  والحسرة، في ظل التناقضات الموجودة والمفارقات العجيبة التي وصلنا اليها تترجمها التخمة التي وصل اليها البعض وقوافل الحراقة،  ونحن مدعوون الى أن نخوض أشواطا في رفع درجة الوعي بوسائل العصر،  وغرس روح التضحية والايثار، وأن نعمل على الاصلاح العميق، وأن نغير واقعنا  من الرتابة القاتلة، وأن نتطلع الى مستقبل زاهرو مشرق .

نورالدين خبابه 03 ديسمبر 2017

إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget