وأنت تقرأ تصريحات ياسف سعدي على صحيفة الشروق، وإن كانت تصريحاته ليست وليدة اليوم، من أن الشهيد وأحد أبطال ثورة التحرير الجزائرية، محمد العربي بن مهيدي، لم يطلق ولا رصاصة واحدة تجاه الجيش الفرنسي...وأنت تبحث في ذكراه.
تستنبط مدى تأصل الجهل والرعونة، وضيق الأفق، ومحدودية الفكر لدى ياسف سعدي ومن لف لفه.
هذا الأخير، الذي يتحدث عن ذاته في التصريحات المتلفزة وكأنه بطل مغوار...؟ فيما يوزع صكوك الخيانة والجبن على بعض من كانوا معه...في غياب قادة الثورة الحقيقيين.
لم يكن عموم الجزائريين يعرفون هذا الدعي الا بعد صناعة فيلم معركة الجزائر....والذي تقول عنه المجاهدة التي لا يجهلها بلا شك - زهرة ظريف- بأن هذه التسمية خاطئة من الأساس، بحكم أن المعركة من المفترض أن تكون بين جيشين وليس بين جيش محتل ومجموعة معزولة في القصبة.
كان سي ياسف سعدي، أحد أبطال الفيلم المصنوع مثلما يحلو له ...ويكفي فقط أن تذكر أمامه الشهيد ذبيح الشريف المدعو سي مراد، والذي يكاد يتناساه في أغلب تصريحاته ، مع أنه كان يمدهم بالسلاح الفتاك قبل أن يستشهد... والسؤال المطروح: لماذا يتناساه وهو من صنع مجده بالسلاح الذي كان يصنعه سي الشريف؟
هل يعقل أن يكون من خطط للثورة وأطلق شعاره الخالد: ألقوا بالثورة الى الشارع يحتضنها الشعب، جبانا؟
هل يعقل أن يكون من خطّط وحضّر لاندلاع الثورة من خلال مشاركته المباشرة في مجموعة 22، ومجموعة 6 ، بل قبل ذلك بكثير، أن لا يفكر في حمل السلاح واطلاق الرصاص، وأن لا يطلق رصاصة واحدة؟
أم نبت عنه يا ياسف سعدي باطلاق الرصاص؟ وأنت الذي كنت لا تكاد تخرج من القصبة وتختفى وراء جميلة بوحيرد وزهرة ظريف وغيرهن من جميلات الجزائر...؟
ألهذه الدرجة من الشجاعة ياسي ياسف سعدي ، تصل حتى الى التنكر بأن محمد العربي بن مهيدي ليس قائدك؟ وأنت وحدك الذي كان يقود الثورة وسط العاصمة التي تسميها بالمنطقة الحرة؟ مع أن سي العربي قائد وطني؟ ومع أنه استشهد بعد التنكيل به وألقت عليك القوات الفرنسية القبض وأطلقتك؟
هل هذه شجاعة أم نرجسية وغرور؟
انّ رصاصات العربي بن مهيدي الذهبية، بدأت منذ خياطة العلم الوطني في بسكرة ،والتمرد على الزعامة في حزب مصالي الحاج...وتواصلت رصاصته في تنظيم الثورة من خلال مؤتمر الصومام، مع ما يمكن أن يتحفظ على بعض قراراته ومن شاركوا فيه...
واستمرت رصاصاته وجلده يُسلخ وأسنانه تُكسر... وهو يهين جلاديه من خلال صبره ورباطة جأشه، وكلماته التي أصبحت اليوم تدرس في الجامعات...ليس في الجزائر فحسب بل في شتى أصقاع العالم، أين تعطي الشعوب قيمة للتاريخ والحرية...
فيما اخترت أنت البطولة في فيلم معركة الجزائر...واختار غيرك النياشين وحضور الموائد المتحوفة بالمرطبات والحلويات والمبردات، والقاء الزهور في بعض المقامات.
ذهب محمد العربي بن مهيدي الى ربه وقد طلق الدنيا...وترك عبدة الشهرة والدرهم...والجاه. ذهب محمد العربي بن مهيدي ومع أنه استشهد وهو عازب، إلاّ أنه ترك جميلات الجزائر يتمنين أن يحملن منه ولو لقبا...فما أعظم الشهداء الذين ماتوا من أجل استقلال الجزائر وعزة الشعب الجزائري وكرامته، وخلدوا أسماءهم ... وقد تركوا من يتنافس عن الحكم الزائل...وسينساهم الشعب بمجر موتهم.
لقد أصبح بعض ضباط فرنسا الذين التحقوا في الربع ساعة الأخير بثورة التحرير، يتحكمون في مفاصل الدولة إبان التسعينيات ...والقائمة تعرفها يا بطل معركة الجزائر. فرق بين رصاصات العربي بن مهيدي، والتي قال فيها للسفاح بيجار:"إنكم ستهزمون لأنكم تريدون وقف عجلة التاريخ أما نحن فسننتصر لأننا نمثل المستقبل الزاهر".
ها أنذا اليوم: رغم المسافة التي بيننا وبين سي محمد العربي بن مهيدي، أبعث لك إحدى رصاصاته من قلب فرنسا عبر هذه الكلمات، وللذين رهنوا خيرات البلاد، فيما يحتقرون ضعفاء الشعب الجزائري...
ولعلك شاهدت يابطل معركة الجزائر قبل أيام، كيف استقبل ماكرون بالزغاريد والأحضان، وكيف جال بقرب القصبة، أين استشهد الأبطال وبقي الأنذال ... فيما الأساتذة والأطباء يضربون بالعصي والهراوات.
فرق ياسي ياسف بين من تقول عنه أنه لم يطلق رصاصة، وبين بطل من كارتون باع الجزائر مقابل أن يتمتع بمتاع الدنيا الفانية.
نورالدين خبابه 03 مارس 2018
إرسال تعليق