الحراك في الجزائر وتربص الدولة العميقة بالشعب بين البارحة و اليوم !

تحذير من الدولة العميقة في الجزائر

في ظل التعتيم الاعلامي  الممارس على الشرفاء في الجزائر وفي الخارج، سواء عن جهل أو عن علم... من قبل الاعلام العمومي، وكذا الاعلام الخاص الواقع تحت ابتزاز السلطات الحالية، نتيجة  ماقام به من دور لاأخلاقي قبل إزاحة بوتفليقة.

بغرض منع الخطاب المعارض لتوجه السلطة الحالية، و بغية فرض سياسة الأمر الواقع على الشعب  لتعيين رئيس منقوص الشرعية يُكمل المهمة التي حددتها  قيادة الجيش بالطاء والباء والقاف.
ظهر إعلام معاكس متطرف يجهل الجزائريون في معظمهم من يقف وراءه ... وفي أغلبه خارج عن سيطرة السلطة الحالية لاعتبارات مختلفة ...ولا يعرف الممارسون له ماذا سيترتب عما يقومون به  ولصالح من يشتغلون...؟
وفي ظل الاقصاء والتهميش و غياب الوعي الخاص بمعرفة الحركات الهدامة التي تتابع أدق التفاصيل وتعرف مالا يعرفه الجزائريون...وتسعى لتطبيق أجندتها وفق مخططاتها لتوسّع جديد...
وجب التنبيه لبعض المسائل حتى يأخذها من بيدهم الأمر والنهي بعين الاعتبار، وحتى لا يسقط الجهلة و السذج وأصحاب الوطنية المغشوشة  في فخاخ المتربصين والانتهازيين.

دعونا أولا نعود الى الوراء قليلا حتى نربط واقعنا وحاضرنا بماضينا القريب بغية فهم ما الذي جرى ويجري؟ وماذا يجب أن نحافظ عليه وما الذي يجب اجتنابه؟

بعد استهداف هواري بومدين واغتياله، ذلك الاغتيال الشهير الذي له حسابات بالماضي والحاضر، وصراعات لاتزال تلقي بظلالها الى اليوم مع تغيير في الأقنعة... ناهيك عن مواقفه من قضايا عربية ودولية مختلفة  ...

شرع  العربي بلخير بعدما أعطيت له الفرصة ومعه بعض الضباط الذين تربطه بهم علاقة  فكرية وحركية ومعروفون بالأسماء والولاء  في مخططهم لتهيئة الظروف لاستعادة مفاصل الدولة الجزائرية في الوقت المناسب، بعدما قطع هواري بومدين ومن معه أشواطا كبيرة في إعادة السيادة الكاملة للجزائر في كل المجالات.

واتضح مخططهم في أرباك الشاذلي بن جديد بأحداث  الجامعة المركزية مستغلين  غطاء الاسلاميين ، وفي أحداث تيزي وزو الشهيرة ...وكان الهدف من ذلك  هو ضرب الخناق على الشاذلي بن جديد لاستهداف بعض الضباط الوطنيين الذين كانوا الى جانب هواري بومدين  والمتمركزين في قيادة حزب جبهة التحرير وقيادة الجيش، وتم اقصاؤهم فيما بعد  بتهم مختلفة ومنهم الجنرال بلوصيف وشخصيات أخرى ...

وكان ذلك مقدمة لأحداث أكتوبر سنة 1988و التي كانت كغطاء آخر للاستمرار في القضاء على الوطنيين في قيادة الجيش حتى تخلو الساحة للدولة العميقة كي تسيطر على دواليب الدولة. وكانوا قد شرعوا في تعطيلها بدء بالتنكر لسياسة هواري بومدين في مجال التصنيع والتكوين وايقاف مشاريع تعدّ نهضوية.

بعد أن دبرت مكيدة لقاصدي مرباح وإبعاده من جهاز المخابرات الذي كان ولايزال يعتبر هو النخاع الشوكي للدولة، كون أنه يمتلك ملفات كبيرة ومنها ملف بوتفليقة على وجه التحديد ...وقد تم اغتياله بعد أن حضر الغطاء له...  وبعد ابعاده من الحكومة، خلا الجو لجماعة العربي بلخير.

جاء دور الزج في بداية التسعينيات  بحزب الجبهة الاسلامية للإنقاذ بهدف عرقلة مشروع الاصلاحات الذي كان يعتبر حاجزا في طريقهم وسيقضي عليهم، والذي بدأ فيه مولود حمروش تحت رئاسة الشاذلي بن جديد... باستحداث صراع  معه لخدمتهم . وكانت الأغلبية في ذلك الوقت وأنا واحد منهم  لا تعرف هذه المعلومات الحالية التي جاءت نتيجة تجارب وتراكمات معرفية وفهم للأزمة الجزائرية والأحداث من عدة زوايا.

فسح المجال للخطب التحريضية التي وصلت حدّ اعلان الجهاد لاسيما في ملعب 5 جويلية  حيث  تزامنت تلك الخطب مع ما يجري في العراق وأفغانستان وفلسطين ... وكانت تلك الخطب التحريضية تتناغم مع رفض بقاء السلطة،  متزامنة مع جهل تام لدى شرائح من الشعب لما يجري من تحولات دولية ....   وكان ذلك  يغذي حالة الاستياء  والفقر والحرمان والظلم الاجتماعي والفساد الأخلاقي ...والابتعاد عن القيم الأخلاقية ... والحيف الذي مارسته السلطات المتعاقبة، وحالة التسيب في تسيير شؤون البلاد،  ونقص مواد التغذية  وكذا العلاج  والنقل والتسرب المدرسي ...وكذا سطوع الفضائيات الذي أحدث هزات كبيرة داخل الأسرة الجزائرية، نتيجة الغلق الممارس من قبل التلفزة الواحدة والحزب الواحد....وصعود العملة الصعبة التي ساهمت في تكوين الطبقية...ويدفع الى التغيير دون اكتراث بالعواقب.

مهدت تلك الظروف الى اشعال الفتنة التي استغلتها الدولة العميقة لصالحها ووظفتها لإزاحة رؤوس التيار الوطني من المشهد بالاستيلاء كليا على السلطة بغرض حماية الدولة...واستخدمت بعض الشخصيات كغطاء ومنها مساعدية ، هذا الأخير حوكم من قبلُ أيام هواري بومدين والحكومة المؤقتة وسجن ، وكان من بين من أعادوا مساعدية الى الواجهة أحد من شاركوا التسعينيات الى جانب خالد نزار وسعيد سعدي وعلي هارون...الخ.  "الرائد عزالدين" وهو الذي يساند اليوم لخضر بورقعة الذي له علاقة بصراعات الماضي...هذا الأخير التحق بعد أكثر من عامين من انطلاق الثورة بجيش التحرير وكان في الجيش الفرنسي، هذا الذي يتهم جيش الحدود اليوم بالمليشيات ويتهم مصالي الحاج بالخيانة...الخ.
للعلم أن الرائد عزالدين وباعترافه يقول أنه قضى عامين كاملين في محاربة المصاليين إبان الثورة  قبل أن يوجه سهامه لجيش فرنسا.
وكان أحد الجنرالات الذين ساهموا في الانقلاب على الشاذلي سنة 1992 هو صهر كريم بلقاسم.
ومع الذي حصل من مجازر في التسعينيات ومن تكاليف وأعباء لازلنا ندفع فاتورتها الى الآن...

سارع بعض المخلصين في الجيش وبعض الساسة الى ايجاد مخرج يخفف من فاتورة المأساة  وبدأوا في اتصالات مع بعض المجاهدين الذين مهدوا لإعلان الهدنة مع الجيش الاسلامي للإنقاذ أيام اليمين زروال واستطاعوا بذلك سحب البساط من الجماعات المسلحة الأخرى.

إنّ إجراء الانتخابات في بداية التسعينيات والتي أفرزت ثلاثة تيارات وهي من يتحكم في المشهد مع انقسامها. وهم: التيار الوطني، الاسلامي، العلماني.

تمّ سجن قيادة الجبهة الاسلامية للإنقاذ وتغييب كل الشخصيات التي كان يمكنها أن تخفف من حدّة الأزمة...وفسح المجال للمتطرفين الى غاية أن قتل عشرات الآلاف ...

اليوم وفي ظل الحراك يحدث نفس الشيء، وهو تغييب الشخصيات التي يمكن لها أن تفرمل الأزمة، وتشارك في حلها بمشروع مجتمع جديد يحقق حلم الشرفاء والمخلصين...
وهذا من خلال فسح المجال للأسف لقاصري النظر والمتطرفين والجهلة بدوائر الصراع  والانتهازيين وأصحاب 7 أوجه...ليس من خلال موالاتهم وتشجيعهم  بل بخلق الأرضية لهم واستغلالهم...فعندما تقصي شخصيات مهمة يمكن لها أن تؤسس لخلق مناخ معتدل وحوار جاد فأنت تؤسس للمتطرفين...وأعطيكم أمثلة مع ذكر الأسماء.
تم اقصاء مهري، حمروش، أحمد طالب،يحياوي، آيت أحمد ، حشاني ...النتيجة: ظهور حطاب، زوابري، زيتوني، معطوب، مهني ...الخ
نفس الاقصاء في ظل الحراك: اقصاء جميعية العلماء، حمروش، أحمد طالب ...الخ. النتجية ظهور: ابراهيم لعلامي، عمار البيري، أمير ديزاد...الخ.

ولذلك: إذا لم تقطع رؤوس الدولة العميقة المختلفة التي كنا أفردناها بمقال وكنا أول من تحدث في الموضوع على إذاعة وطني لما كان توفيق من يتحكم في المشهد... فإنها ستعود ولو بغير توفيق ...وستستعيد مراكز القرار التي تتحكم في مفاصل الدولة الجزائرية وستعطل نهضتها وتضيع فرصة أخرى للتغيير لعقود.. وربما ستدفع بالجزائر الى حمامات دم جديدة مؤشراتها عديدة...وهذا بسب الاختراق والتضليل.
فيا أيها الشرفاء في الجيش ومن بيدكم الأمر وتسعون لرفعة الجزائر: إنها فرصتكم التاريخية...فإما ستدخلون التاريخ من أبوابه الواسعة بتفويت الفرصة على نظام الدولة العميقة وإما سترمون في نفايات التاريخ.

نورالدين خبابه 30 نوفمبر 2019

إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget