احذروا صهاينة الحراك في الجزائر: غزة تكشف الوجوه الحقيقية

مقال ينتقد فئتين في الساحة الجزائرية يصفهما الكاتب بـ«صهاينة الحراك»، لتجاهلهما جرائم الاحتلال في غزة واستغلال الحراك والدين لخدمة أجندات مشبوهة

تأتي هذه السطور في سياق العدوان على غزة، وما رافقه من مواقف متباينة داخل الساحة الجزائرية، بين من انشغل بتفاصيل ثانوية عن الدين والطقوس، ومن تراجع خطابه الثوري فجأة عندما تعلّق الأمر بفلسطين. يحاول هذا المقال أن يدقّ ناقوس الخطر من فئتين يراهما الكاتب امتدادًا لصهيونيةٍ من نوعٍ آخر داخل الجزائر، حين تُستغلّ العواطف الدينية والحراك الشعبي لخدمة أجندات لا علاقة لها لا بفلسطين ولا بمصالح الشعب الجزائري.

ليعذرني القارئ مرّة أخرى لنبل مشاعره تجاه الجزائر، ولقساوة العنوان عليه، هذا الذي يصف حال فئتين من الناس تقاطعت تحركاتهما، وليعتبره صرخة أو وخزة إبرة أو لسعة نحلة لإيقاظ النائمين، وأعده أن الغرابة ستزول بعد حين عندما يتضح المشهد، وليعذرني معه شرفاء الحراك من الجزائريين والجزائريات الذين كانوا ولا يزالون ينشدون التقدم والازدهار وجزائر جديدة بالأفعال وليست بالأقوال، وكل الغيورين على الوطن المفدّى والشرفاء والأحرار في كل موقع، إن كنتُ سبّبت لهم إزعاجًا في هذه الأوقات.

لستُ هنا لأسرد عليكم محاور عن الصهيونية وطرقها، ولا عن بروتوكولات حكماء صهيون، ولا لأضع لكم ملخّصًا عن كتاب "الأعمدة السبعة" الذي يروي تفاصيل عن لورنس وكيف اخترق الجزيرة العربية، أو أعطيكم نبذة عن كتاب الصحفي البريطاني جيمس بار "خط في الرمال" الذي كشف الستار عن المؤامرات التي استهدفت العرب في الشرق الأوسط، وقسمته إلى جهتين، وأعطت فلسطين للصهاينة، واستخدمت "الهاغاناه" في حربها... ولا نزال نتجرّع علقم تلك المخططات الجهنمية إلى تاريخ اليوم، وإنما لأحذّركم من "صهاينة الحراك الشعبي في الجزائر"، فهم أعين صهيون الساهرة لضرب الجزائر وخَدَمُه المَصون، لاسيما وأن للجزائر قصة مع فلسطين لا تُمحى.

قرأتُ مقولةً لعلي شريعتي، وهو مفكّر إيراني، لمن أراد البحث عن سيرته والاستزادة من كتاباته، يقول فيها:
"إذا كان هناك حريق، وكان أحدهم يدعوك للدعاء بدل أن يدعوك لإطفاء النار، فاعلم بأنها دعوة خائن".

هو هذا ما يجري بالضبط في هذه الأيام لفئتين التقتا في الجزائر في مخطّطٍ واحد: فئةٌ كانت تشغل الناس لأيام بأن لا تُعطى زكاة الفطر نقودًا، وبأنّه يُحرَّم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل حرّمت الترحّم على الصحفية صاحبة القضية شيرين أبو عاقلة الفلسطينية أيام أن استهدفها المحتلّ الغاصب بقنّاصة... لكنها غابت عن أحداث غزة، وكأن القنابل والصواريخ التي تنزل على شعب فلسطين الشقيق لا تستدعي وقفةً ولا رأفةً ولا نضالًا! وكأن الأقصى لا يعنيهم وليس من أولوياتهم! بل منهم من يتظاهر بخدمته للدين الإسلامي ويشغل الناس في هذه الأوقات بمواضيع سخيفة.

وفئةٌ غابت نشاطاتها ومنشوراتها ومداخلاتها حول غزة العزّة، مع أنّ منهم من كان يتظاهر بأنه "تشي غيفارا زمانه"، وبدل أن تقوم هذه الفئة المنحرفة بمراجعات لخطها المعوّج الذي ساهم في أدلجة الحراك الشعبي في الجزائر وتقسيمه بافتعال مواضيع لم تكن من أولويات الشعب، بل منها ما يتلاءم مع الحركات المشبوهة التي تسعى جاهدة لضرب الأسرة والمجتمع...

تقوم بنشر منشورات في هذه الأيام على صفحات مواقع التواصل، تعلن فيها أن تحرير الجزائر أولى من الحديث عن الجرائم التي تُرتكب في غزة، وتومئ للدُّهْماء من عامة الناس إلى أن السجناء من الجزائريين هم في "سجون الاحتلال"... بل تحاول إسقاط وضع غزة على الجزائر.

فَرْقٌ بين من أُسِر في حرب وهو يدافع عن قضية شريفة وعادلة، وبين من قام بالقذف والتشهير، أو حمل السلاح ضد شعبه، أو رفع راية ضِرار، أو سُجن في قضية مخدرات أو تهمة قتلٍ عمدي، أو أحرق رجلًا بعد قتله ومثّل بجثته، أو سُجن في قضية أخلاقية أو سرقة أو تعدٍّ على الأملاك والحرمات، أو أتلف أموالًا، أو قام بالتهريب والمضاربة، أو يستخدم الحراك لإخفاء متابعات قضائية صَدرت ضده قبل الحراك، قصد استعطاف منظمات دولية لابتزاز السلطات القضائية... إلخ.

على الجزائريين والجزائريات، في هذه الأوقات الصعبة والحرجة، لاسيما وأن خيوط المؤامرة ضد وطننا باتت مكشوفة، أن لا ينجرّوا وراء نداءاتٍ مسمومة في جوهرها وإن تمظهرت بشكل ناعم؛ يهدف أصحابها للوصول إلى السلطة عن طريق استخدام أصحاب الرؤوس المقفلة في إطار الصراعات، ولتفريقهم وقت الوحدة واللحمة، وشقّ صفوفهم كما هو الحال، واستخدام مطالبهم المشروعة في التغيير نحو الأحسن بركوبهم والوصول من خلالهم إلى أهدافٍ ليست أهداف الشعب بلا شك. وعليهم أن يختاروا الأوقات هم، وليس سواهم، وأن لا يعطوا مزيدًا من الوقت لأشخاص أثبتت الأيام أنهم مجرد خَدَم، يتحرّكون في أوقات معيّنة لتحريف أي حراك جادّ يهدف للنهضة، وسحب المبادرة من الشعب، وتحريف مسار نضاله وتشتيت طاقته، وشغله وإلهائه عن القضايا المصيرية، وتضييع أوقاته في السراب.

وفي الأخير، على القنوات العربية بالخصوص، والصحف، أن تدقّق في الضيوف، وألّا تعطي منابرها لهؤلاء، وألّا تنخدع بعروبتهم؛ لأنها مسؤولة عن التوجيه الخاطئ، لاسيما وأن هناك من يخفي قناعه مستخدمًا "تقيّة" الشيعة، لكنه ثعلبٌ ماكر.

نورالدين خبابه 26 أكتوبر 2023


إرسال تعليق

[facebook]

أرسل رسالة نصية

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget