رجل ذو بصيرة، أصيب بإعاقة جسدية في رجليه ولكنه لم يستسلم لتلك الاعاقة أبدا، وراح يتحدى الواقع الذي فرض عليه في القرية التي كان يقطنها وينافس الأصحاء بفرض نفسه كشخصية لا غبار عليها، وتزوج وأنجب رجالا منهم الصحفي ومنهم حافظ للقرآن... وهو من كان يعيل العائلة إلى غاية مرضه ووفاته.
رجل ينحني له الصبر، ويحتضنه الحنين، ويأتيه الوفاء حبوا، ويُحييه ضباط القرية...ويأتيه الرياضيون وهم مذعنون لسلطته.
ذاك هو عمي مسعود الذي كان يرحب بنا في دكانه، الذي تعدت قيمته المعنوية كبرى الشركات العالمية... ويصنع لنا مما حباه الله من إرادة فولاذية، أحذية رياضية كنا نتباهى بها أمام القرى الأخرى في فترة السبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات. إرادة يلين لها الحديد.
أحاول أن أصف دكانه الذي كنت أحفظه عن ظهر قلب، لأرسم في مخيلات من لم يعيشوا جيلنا كيف كنا نحيا بوسائل البساطة والتواضع دون تصنع ولا تكلف، وكيف كانت القناعة تملأ البيوت قبل أن يحل الجشع ... وينفلت العقد.
وأحاول أن أدغدغ عقول من عاشوا تلك السنوات...علهم يستعيدوا من الذاكرة الايجابية بعض الذكريات...يشحنون بها طاقاتهم التي أكلتها الحداثة المصطنعة.