اللاّت و العزّى وعين الفوارة !

بعد قياد شخص بتهديم جزء من عين الفوارة في سطيف


اللاّت و العزّى وعين الفوارة !

استيقظت اليوم على خبر محاولة جزائري، هدم تمثال عين الفوارة، والذي يتوسط مدينة سطيف التي تقع شرق الجزائر  "لمن لا يعرفها"...ويقال أن ناحته قام بنحته أثناء فترة الاستعمار لا يذاء المسلمين هناك...حيث أن  المرأة المنحوتة  تبدو عارية وتبرز  مفاتنها...ويضطر شاربوا الماء من النافورة للركوع...وهناك من يتوضأ ويذهب للصلاة...

بعد رؤية مشهد محاولة الهدم من زوايا مختلفة، لاحظت رشق هذا الرجل الملتح و الذي نجهل هويته لحد كتابة هذه الأسطر، بالحجر وبالعصي والهراوات...  وكأنه شيطان مارد اعتدى على إحدى المقدسات؟ وقد وصل الحد ببعض من كانوا هناك لضربه ضربات قاتلة، كما يظهر في الفيديو المنشور على صفحة المصالحة الجزائرية بالفيس بوك لمن أراد مراجعته، وكأن إزهاق روح بشرية أهون عند هؤلاء من هدم تمثال؟

وقد تناولت العديد من القنوات الفضائية هذا الحدث، وبدأت في استطلاع آراء المواطنين هناك، وقد استمعت لبعض من تم استجوابهم حول الفعل، وحزّ في نفسي أن أسمع تلك الاجابات المليئة بالأغاليط، والتي تدل على جهل أصحابها بالتاريخ، وتظهر في المقابل الوطنية الزائفة.

ومهما كان الفاعل وفي هذا الوقت بالذات  فإن الطريقة مُستنكرة وتدعو للقرف ، وكان على الحاضرين أن يتركوا أمره للشرطة.
ولأننا في دولة مهما كانت سلبياتها  ونقائصها، فبإمكان سكان سطيف أو غيرهم من المواطنين في ولاياتهم أن يحتجوا بطرق سلمية وحضارية، وبإمكانهم استبدال التمثال إن أرادوا ذلك، بشيء يعبر عن عراقة السطايفية الأحرار وتاريخ سطيف العريق.

من حقنا كمتابعين أن نتساءل: إذا كان المقصود بأنّ الاسلاميين  هم من يقف وراء هذا الفعل، خاصة وأن ديسمبر هو  الشهر الذي فازت به الجبهة الاسلامية للإنقاذ بالانتخابات التشريعية سنة 1991 قبل أن تلغى ، فلماذا لم يُهدم هذا التمثال وبلدية سطيف كانت تحت رئاسة الجبهة الاسلامية للانقاذ سنة 1990 وفي عزّ قوتها ممثلة في رئيس بلديتها محمد فار ونائبه حسن محماح؟
ما لفت انتباهي ليس اقدام هذا الشخص على هذا العمل ، لأن التفكير في هدم هذا التمثال يقاسمه فيه الكثيرون حتى وان لم يصرّحوا بذلك في وسائل الاعلام، وقد تعرض هذا التمثال للنسف وأعيد ترميمه في أواخر التسعينيات بعد أن حُلّت الجبهة الاسلامية للإنقاذ ودخلت الجزائر نفق العمل المسلح ...

 قلت: ما لفت انتباهي هو تنقل الوالي بسرعة البرق ومعه السلطات المحلية لزيارة المكان، وكذا وزير الثقافة الذي أعلن بسرعة البرق تكفل وزارته بحماية هذا "المعلم التاريخي" وترميمه بآخر ما توصلت اليه التكنولوجيا... وكذا تداول وسائل الاعلام المختلفة، الوطنية منها والدولية الموضوع...وكأن الأمر جلل...؟
 في حين، هناك الكثير من الجزائريات يمتن بسرطان الثدي وبسرطانات مختلفة...ناهيك عن جرائم القتل ... وهناك من يبيت تحت الصقيع  والعراء  فلاعين رأت ولا أذن سمعت...

كان على الوالي أن يزور الطرقات المهترئة، والبيوت التي تكاد تسقط على أصحابها...ويكفي أن أذكر بقضية الأخ ميلود بعداش الذي توفي في ظروف مزرية بسطيف وترك أبناءه في كوخ لا يتحمله حتى الحيوانات ...ولا يزل ابناءه الفقراء واليتامى ... يتعرضون يوميا للتعذيب النفسي...في غياب العناية اللازمة... دون أن أنسى مايدي عبد السلام الذي مات كمدًا وهو يصرخُ ويردّد: عووووووووو أعطونا سكن.

كم من شاب يبحث عن فرصة عمل؟  وكم من شاب وشابة يبحثان عن الزواج؟ وكم من شيخ هرم يبحث عن سكن يقضي فيه ما تبقى له من عمره...؟وكم وكم...؟ أيعقل أن يلقب السطايفية الأحرار بأبناء عين الفوارة؟

كنا نودّ أن تكون غضبة الشباب  على الوضع المزرى الذي تعيشه البلاد في كل القطاعات،  وعلى المقدسات والثوابت التي تهان هنا وهناك ... مع استنكارنا لأي عمل همجي  ومهما كانت خلفية صاحبه، فإذا بنا نرى غضبة اللات والعزّى وعين الفوارة !

نورالدين خبابه 18 ديسمبر2017

إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget