الحراك في الجزائر بين الاختيار والانصياع!

8 أشهر بعد الحراك في الجزائر

مرّت ثمانية أشهر على بداية الحراك الذي انطلق في الجزائر، وكان الحراك نتيجة تراكمات مختلفة أدت في مجملها الى ضرب الطوق على بعض رؤوس العصابة التي كانت تتحكم في مصير الشعب وترهن مستقبله الى أجل غير مسمى وأرغمتهم على التراجع.

واستعاد الشعب الجزائري إلى حدّ ما  حرية المبادرة وتمكن من هدم حاجز الخوف  بعدما كانت الدولة العميقة تستثمر فيه وتربطه بالمأساة الوطنية وتوظفه  وقتما شاءت وكيفما أرادت وبالوسائل التي تحددها للبقاء في السلطة واستغلال ثروات الجزائر المختلفة.

وظن الشعب الجزائري أن السلطة العسكرية الجديدة ستواكب الحراك وتحقق حلم الشهداء في إرساء  معالم نهضة لطالما حلم بها الشعب لاسيما وأن تصريحات قيادة الأركان وعدت الشعب أنها ستواكب الحراك وتطبق حرفيا مطالب الشعب.

ولكن  مع الأسف ومع مرور الوقت  هاهي الوقائع كل يوم تظهر عكس ماكان يتمناه الشعب  وتطمح له أغلبيته، باحتواء جزء من الحراك وتوظيفه ضد الجزء المتبقي من أفراد الشعب المتفاعلين...وذلك باستعمال بعض النعرات و تهميش كل المبادرات الموضوعية التي اقترحتها شخصيات وطنية مقبولة من قبل شرائح داخل الحراك، وكذا مجموعة من النخب والمثقفين...وكانت تهدف في مجملها الى بناء جزائر جديدة بوجوه لم يلطخها الفساد الأخلاقي والمادي...

 وتحاول هاته السلطة الفعلية  فرض الأمر الواقع   بإبقاء عبد القادر بن صالح في منصب رئيس الدولة، وحكومة بدوي   وكذا تعيين لجنة كريم يونس ومعه أشخاص مطعون في نزاهتهم، لاسيما وأن منهم  من تورط مع العصابات بشكل أو بآخر...وكذا اللجنة المديرة للانتخابات التي سارت على نفس النحو مع تغيير سطحي...زاد من انقسام الصف الجزائري.

كان على السلطة العسكرية أن لا تفوت هاته الفرصة التاريخية على نفسها أولا و على الشعب، وهذا بإشراكه في صنع هاته النهضة المنشودة التي تبدأ بحوار  جاد ،صادق،  شفاف...  ودون اقصاء وتهميش. تقوده شخصية وطنية مشهود لها بنظافة اليد والعرض ولم تشارك النظام على الأقل منذ1992 كعربون للثقة ...

وأن تهيئ الظروف الملائمة للانتخابات  الرئاسية بإبداء حسن النية و تكافؤ الفرص. وخلق مناخ  يعود فيه المبعدون الى وطنهم، وكذا اطلاق سراح مساجين الرأي  ورفع الوصاية على الشعب وعلى وسائل الاعلام والمؤسسات المختلفة...وعدم التصرف في قرارات مصيرية دون استشارة  واسعة للشعب.

فشتان بين حرية الاختيار التي تبدأ باستعادة المبادرة واحترام الحريات الفردية والجماعية وتجسيد العدل ،  وعدم الاكراه... وخلق أجواء تسود فيها الأخوة والتسامح والتنافس على خدمة الجزائر عن طريق  المشاريع والبرامج  والتنوع الثقافي ...

 وبين فرض الأمر الواقع على شرائح واسعة من الشعب من خلال سياسة التدجين والتخوين و الترهيب والترغيب  والتخويف والتعيين والمنع والسجن...  وفرض الانصياع الى خيارات وقرارات السلطة العسكرية والدفع بالشعب دون رضى  لاختيار واجهة جديدة تضفي شرعية سطحية موجهة بالأساس الى الخارج.

نورالدين خبابه 11 أكتوبر 2019 

إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget