الجزائر: الزطلة الذهنية !

وصف لحالة التخدير واللاوعي التي تعيشها فئات في المجتمعات ومنها الجزائر نتيجة التضليل الاعلامي

الزطلة الذهنية هي : غياب الوعي لدى الانسان بنسبة كبيرة،  بسبب التخدير المختلف  لتغييب وعيه ... هذا الذي يجعله لا يميز بين الصديق والعدو،  ولا بين المصلح والمفسد، ولا بين الخائن  والوفي، ولا يفرق بين الشمس والظلام ولا بين الحقيقة والأوهام...

فتجده يسير خلف بائع الأوهام ويسب ناشر الحقيقة، ويحدثك عن نصرة الحق والمظلوم وعن البطولات...وهو يدافع عن الظلمة والخونة والجبناء والمحتالين ويروج للضلال.


لاحظت هذه الزطلة الذهنية، عند قراءة ومتابعة كثير من تعليقات الشباب، الذين يتوافدون على مواقع التواصل...سيما وقت الأحداث التي تقع...فيقعون ضحايا مقالب ويرددون كالببغاوات مايتلى عليهم، دونما استخدام للعقل ولا تفكير...ويساهمون من حيث لا يدرون في تشويه الحقائق، وبث السموم، ومنهم من يزعم أنه على بصيرة من أمره.


والزطلة الذهنية التي أتحدث عنها،  ليست علامة خاصة بما يجري في الجزائر، بل موجودة في كل بقاع الأرض ولكن بنسب متفاوتة. فتجد إنسانا تخاطبه بشيء يراه العُمي  وهو يجيبك بالنقيض...ولو أنصت  بأذنه واستخدم ملكة تفكيره قبل أن يجيبك لفهم رسالتك،  ولو قرأ ما كتبته لوجد الجواب ...لكنه يتهمك ويسبك ويقذفك بما ليس فيك...دون أن يحادثك مرة في حياته، أو يستمع اليك لحظة... وعندما يتبين له الخطأ... وعوض أن يعتذر تراه يكابر ويعاند...

 قد يتساءل بعض المتابعين عن سر هذا التخدير، ومنهم من يوعز ذلك الى أكل لحم الحمير، أو شرب مادة مؤكسدة في الحليب... أو تناول المسكرات... الى غير ذلك...

بعد الذي حصل لرشيد نكاز من ضرب على القفا، وركل على الدبر، ولطم على الوجه،  وصعق على الأذنين...وبصق على المحيا، وتهشيم للأنف... نتيجة مضايقته  لعائلة سعداني  في فرنسا، الذي يطلق عليه بعض الساسة  الهواة  بالطبال ...

لاحظت غياب الوعي لدى كثير من الشباب، وهذا لترديدهم لعبارات وشعارات دون معرفة مصدرها أو فحواها... أو استخدام للعقل  أو تفكير ملي قبل أخذ قرار...فمثلا يحدثك أحد المصابين بالزطلة الذهنية قائلا: أخرج للميدان وتظاهر كما هم الرجال...ولا تبق وراء الفاسبوك أو جهاز الكمبيوتر... ونسي هذا المزطول أن الكاتب والاعلامي يستطيع بكلمة أو بصورة فعل مالا يفعله المتظاهرون في الميدان...وقد رأينا ذلك في وسائل الاعلام....

فقد تفعل الكاميرا والكلمة مالا تفعله جيوش بإسرها. وحتى هذا المصاب بالزطلة الذهنية يساند بل ويتباهى بالنقل المباشر ونقل الحدث...وهو يهرف بما لا يعرف ... ولكن ماذا عساني أن أقول وقد وصفت حالتهم بأصحاب الزطلة الذهنية....فهم من يلعق أحذية البعض ويتهمون الناس بذلك.

 منذ زمن وأنا وغيري نلحظ الرداءة المتفشية في كل المجالات ... وقد بات لزاما  تنبيه من يتطرقون للشأن الجزائري، الى التحسيس بموضوع هذه  الزطلة الذهنية،  التي إذا لم تعالج معالجة محكمة... فإنها قد تؤدي لا سمح الله الى اعاقة ذهنية... تدفع بالبلاد الى محرقة أخرى أشدّ وأنكأ مما حدث في التسعينيات.

إن الذي حصل في الجزائر من كوارث بدء بما حصل في فترة الاستعمار إذا لم يتم استيعابه،  فإن ما جرى للشعب الجزائري من مأساة  قد يتكرر  في أي وقت، بشخصيات وألقاب جديدة، وسيناريوهات  أشدّ حبكا، ولوكانت  بتوابل مختلفة، والسبب واحد وهو الزطلة الذهنية....التي تجعل من المدمن يُقدّم عرضه وماله ووطنه..دونما وعي.

فالذين تغلب عليهم العاطفة ويسقطون في وحلها دونما تفكير... ما أكثرهم في هذا الزمان.  ولو دققنا النظر وقمنا بإحصاءات في ليبيا وسوريا واليمن ومصر...  لوجدنا أن الكثيرين الذين سقطوا في هذا الفخ،  انطلت عليهم الحيلة....وذهبوا ضحايا أحلام عسلية ...
ولو قرأوا التجربة الجزائرية بتبصر، ما وقعوا في حبال العاطفة والتضليل، ولما انجروا الى تلك الخسائر الفادحة...التي لا يستطيعون الخروج منها، الاّ باستخدام العقل والمنطق والحساب.

يسألني بعض الشباب تارة وأخرى، سواء عن طريق الرسائل الخاصة، أو عن طريق التعليقات، لإعطاء رأيي في فلان أو علان... وفي بعض المرات في أمور شخصية  حتى...وأحيانا يوجهون لي أسئلة، ويحتارون فيها لعدم التفاعل المطلوب مع نشاطات سياسيين ومفكرين مشاهير،  وعلماء كبار، مقارنة ببعض المهرجين والبلطجية   من محدودي الفكر والأفق ....الذين لوثوا الفضاءات التفاعلية من خلال ما يقومون به من تضليل ونبش في أعراض الناس...

وعند كتابة مقال أو التطرق الى موضوع ما في الفضاء الأزرق ... أقرأ ردود الفعل فأجدها بالضبط مثلما كان يروي لي بعض المهاجرين الذين يذهبون لقضاء فترة العطلة بالجزائر...ويروون لي أشياء ... فأحتار من هذه الزطلة الذهنية التي تفاقمت وعمت...بسبب غياب المصلحين، والسكوت عن المنكر، وانتشار الآفات المختلفة، والجهر بالمعاصي...وأكل السحت، وغياب القناعة،  وكثرة الجشع  لدى الكثيرين...وظهور الرويبضة...

بالاضافة الى التخدير الاعلامي، الذي أدى الى هذه النتائج الكارثية...في تحريف الوعي، وزرع الرداءة والخنوع،  وجعل  المصابين بهذه الزطلة الذهنية...يسيرون نحو التخلي عن الاصالة وعن التقاليد وعن الأنفة المعروفة وزرع اليأس في أوساط الشباب.

والاستبداد الذي خنق الحريات وقتل الابداع، والجهوية التي ساهمت في الفرقة، والتدين المغشوش الذي أدى الى كثير من الانحرافات ، والوطنية الزائفة التي ساهمت في اللامبالاة بالتاريخ. واستُغلت هذه الزطلة الذهنية،  التي أصبحت محل دراسة من طرف أخصائيين، في العلوم الاجتماعية والنفسية...... ونكاد ندخل في مرحلة أصبحت فئات كثيرة  من المصابين  بهذه الزطلة الذهنية، مستعدة لتقديم البلد بإسره  على طبق من ذهب  الى الخونة والمحتالين.

نورالدين خبابه 09 أكتوبر2017

Libellés :

إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget