رسالة من جزائري الى الإخوة في سورية

رسالة الى الاخوة في سوريا

الإخوة الأكارم؛ الأخوات الكريمات... ها هي سورية تُذبَحُ وتُبَادُ كُلَّ يوم، وأصبح الصّمت جريمة لا تغتفرُ في هذا الوقت، سيما أنّ القاتل مُسْلِمٌ سوري والمقتول كذلك.
ولهذا أردت أن أقوم بواجبي كمواطن جزائري اكتوى بنار الفتنة، وأبعث لكم هذه الرسالة، ولا أبتغي من ورائها إلاّ رِضَى الله.

إنّ ما يقع في سورية من جرائم ومن تخوين وتكفير وتصفية حسابات، وقتل عشوائي من الطرفين - حسب وجهة نظري -، وقع في الجزائر أثناء التسعينيات مع الفارق طبعا، لأنَّ ما وقع في الجزائر كان بعد مصادرة اختيار الغالبية من الشعب، الذين انتخبوا بحرية آنذاك الجبهة الإسلامية للإنقاذ وأنا واحد منهم.

الفارق كذلك، أنّه وقتذاك، لم تكن وسائل الإعلام الحُرّة موجودة بالشكل الحالي… وإلاّ لكان لهيب الرصاص أكبر، وكانت الفتنة أكبر، وكانت الأرواح تُزهق أكثر.

إنّ ما وصلنا إليه من نتائج مرعبة، إنْ على الصعيد الأمني أو السياسي أو الاقتصادي، أو الأخلاقي... وعلى كلّ الصّعُد، لا يمكن تصوُّرّه، رغم أن المجتمع الجزائري في غالبيته لم ينخرط بالكامل في الفتنة، فالقاتل جزائري والمقتول كذلك، بل كانت الغالبية تتريث حتى ينقشع الضباب، وأعتقد أنه لا يخفى عليكم ذلك.

لقد حُطّمت المدرسة الجزائرية، وحُطّمت الأسرة، وحُطّمت الرياضة، وحُطّمت الثقافة، وحُطّمت الصناعة، وحُطّمت الفلاحة، وحُطّمت السياحة، وحُطّم المسجد... واختلط حليب الأطفال مع الدّم، وخرير المياه مع المجازر، وحُطّمت الجزائر باختصار. وتخلّفَت الجزائر عن الرّكب الحضاري، حتى أصبحت مَضْرِبًا للسُّخرية في بعض الأحيان، مع ما كانت ولا تزال تزخر به من طاقات ومعادن... وهذا راجع للفتنة العمياء التي ألمّت بشعبنا... ولا مخرج ولا نهضة لنا إلاّ بمصالحة وطنية حقيقية. نسأل الله لكم يا إخواننا في سورية إغاضة الأعداء، بِلَمِّ الشّمْلِ والوحدة وحلّ أموركم بالحوار بدل الدَّبّابة والصّاروخ…

والله إنَّكُم تحطّمون بلدكم بأيديكم، وتُفْرِحُونَ عَدُوَّكُمْ ليل نهار، ولن تقوم لكم قائمة مادام هناك من يموّن هذه الحرب، لأن من يموّنها لا بُدَّ أن يأخذ المقابل. سيكون مصير سورية كمصير أفغانستان، إن لم تفيقوا وتنقذوا ما يمكن إنقاذه... إنّكُمْ تنوبون عن أعداءكم في تحطيم سورية "نظامًا ومُعارضة". يريدونكم أن تحطّموا الجيش وتدمّروا البُنى التحتية، تدمّروا المؤسسات الحيوية، تدمّرون كل شيء، وتُنْهِكُوا قواتكم وتصبحوا لقمةً سائغة في يد عدوّكم.

يريدونكم أن تفعلوا ما فعل الأفغان، وما فعل العراقيون... وبدل أن تكون سورية واحدة موحدة، تصبح ضعيفة بالمحاصصة والطائفية التي يعملون على تشجيعها وتنفيذها ليل نهار، من خلال الأقلام المرتزقة ومن خلال رؤوس الفتنة. كان عليكم ان تستفيدوا من درس الجزائر ومن درس العراق، لا أن يقتل الأخ أخاه، ولكن سقطتم الآن مع الأسف الشديد في الوحل "معارضة وموالاة' وأصبحتم تخدمون أعداءكم.

يا أهلنا في سورية، إنّ بعض من يقفون مع المعارضة المسلحة لا يحملون مثقال ذرّة من حبّ لسورية، منهم من يعمل لصالح المخابرات الدولية، فيسترقُ المعلومات منكم ويبيعها، ويتم توظيفها في المخابر لضربكم، ومنهم من يريد تجريب سلاحه وخططه، ومنهم من يسعى لتحطيم سورية لأملاء شروطه، ومنهم من له حسابات اقتصادية، ومنهم من له حسابات أمنية، ومنهم من تأخذه العاطفة.

ومنهم من يخوض حربًا إعلامية ضدّكم لنهك قواكم وتنفيذِ ما يملى عليه، ويأخذ المقابل... النتيجة هي: تحطيم سورية في النهاية، القاتل سوري والمقتول كذلك. يا أهلنا في سورية : عرفناكم قِمّةً في الأدب وقِمَّةً في الأخلاق، وقمة في التسامح، فمن الذي أشعل هذه الفتنة بينكم ؟ ومن الذين استبدل أمنكم بالخوف؟ ومن الذي لوّث عليكم الأجواء ؟

عُودُوا كما عهدناكم، غيروا السيء بالأحسن، لا السَّيِّءَ بالأسْوَأ. إنّ السلاح سيورّث السلاح، والانقلاب سيُولّدُ الانقلاب... والفوضى ستولد الفوضى، وفوضى السلاح لن تجنوا منها إلاّ الآهات. سورية ليست هي الأسد، سورية ليست هي البعث، سورية ليست هي المعارضة، سورية ليست هي الموالاة، سورية لكلّ السوريين. نورالدين خبابه 05 جانفي 2013

إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget