القصة الثانية: بطاقة التعريف والمعرفة !

قصص من الواقع الذي عشته شخصيا فترة التسعنيات

قبل أن أقرر الهجرة...

كانت الجزائر تعيش مرحلة صعبة من تاريخها وعلى وقع المجازر والمفخخات. كنا نستيقظ أيام اليمين زروال ولا يعرف أحدنا هل يمسي...؟ كان الشعار المتداول "الذي لم يمت عهد زروال لن يموت أبدا"...كان سيف الحجاج يطال المعارضين بسبب أو آخر ...لا سيما بعد تعثر الحوار مع قيادة الجبهة الاسلامية للإنقاذ على خلفية عثور رسالة علي بن حاج وقويسمي.

وأنا نازل من القرية التي أنحدر منها "الدشرة" في سيارة النقل الريفي التي كان يقودها أحد الأقارب "عبد القادرخبابة" ...وعلى بعد 1 كلم من أمام الصفية لمحت سيارة الشرطة من نوع نيسان بيضاء اللون ... فوق الجسر عند مدخل برج الغدير فعلمت أن هناك حاجز...ومن قوة حدسي قلت لابن العم عبد القادر...سيتم ايقافنا...فقال لي: دعك يارجل وعلى ما يوقفونا...؟ قلت له: سيوقفونا زكارة...قال يا رجل دعك من هذا الكلام...

وصلنا الجسر فتم ايقافنا وكان في سيارة الشرطة شرطيان بالبذلة القتالية الزرقاء  وهما بن مهني ع الذي ذكرته في قصة الدابة والمجزرة...وشخص ثاني من بلدية أولاد حناش لقبه سيليني . جاء بن مهني الى جهتي ثم طلب مني بطاقة التعريف... فشعرت باستفزاز كبير ولم أكن أحمل البطاقة لسبب واحد وهو أننا ابناء برج الغدير نعرف بعضنا بعضا في القرى والمداشر ونعرف الاجنبي... ومركز الشرطة  كان في بداياته، وطيلة حياتي لم يطلب مني دركي بطاقة التعريف مع أنهم جميعا ليسوا من أبناء المنطقة...فقلت له: ليست لي بطاقة...قال: لابد من حمل البطاقة...فقلت له: ياعبد الرشيد: بطاقة التعريف يطلبها الناس من شخص غير معروف الهوية وأنت تعرفني وأعرف عائلتك بتفاصيلها كما أعرف من معك...

قال لي: دع المعرفة جانبا أنا أطلب منك بطاقة التعريف...فقلت له حرفيا...أنا لست مشتاقا لمعرفتك...قلت لك بطاقة الهوية تسمى بطاقة التعريف...فلو مثلا أعطيتك بطاقة التعريف وعليها اسم ثاني ولنفترض لقب كسال وقلت لك أننا من أولاد مخلوف ...لقلت لي هذه مزورة أنت نورالدين خبابه ابن فلان وتسكن في الدشرة...

نظر الى صاحبه والذي تربطني به أيضا علاقة قرابة من جهة أخوالي كما علمت فيما بعد... ثم أنزلاني من السيارة وأركباني في سيارة الشرطة من الخلف من نوع نيسان وقاداني باتجاه مركز الشرطة... وأثناء الطريق كان كل من في الطريق يستغرب من عملية اقتيادي فأغلب أهل المدينة يعرفوني ... وعند وصولنا مقر الشرطة...كان في الاستقبال شرطي أيضا من عائلة بن مهني ...فاندهش لرؤيتي ثم قال في استغراب: نورالدين خير ان شاء الله؟ فقلت له والحسرة تقطع أحشائي: لاشيء فقال : مالذي أتى بك؟ فرويت له القصة...فصرخ ثم ذهب للحديث مع ابن عمه عبد الرشيد...فأجابه بغضب ومن ثم انصرف...

دقائق قليلة أتى ضابط الشرطة واسمه مولود من مدينة غيلاسة لم أكن أعرفه من قبل... واصطحبني معه الى مكتبه بأدب واحترام... وسألني عن العائلة : ماذا بينكما ياسي نورالدين؟ قلت له: لاشيء لم يسبق لي وأن تعاملت معه ...قال لي هل تعرفه؟ قلت له : أمه فلانة ووووو فانفجر مولود ضاحكا...ثم قال لي: صدقني ياسي نورالدين اشتغلت في عدة أماكن من الوطن ولم أجد هذه الرهوط بهدلونا...

أعذرنا على الازعاج والله إني أشعر بمرارة وأنا أستقبلك في أمر تافه ويحز في نفسي أن نصل الى هذا المستوى من التعامل...ثم انصرفت وأنا أشعر بغيظ شديد...ومع أن الحادثة تعود الى التسعينات إلاّ أنني  أحيانا أذكرها وأبكي.

نورالدين خبابه 22 جويلية 2019 .ملاحظة: أمتلك صورتكما ولم أنشرهما.

إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget