القصة الأولى : الدابة والمجزرة!

قصص من الواقع في الجزائر فترة التسعينيات


قصص واقعية حدثت معي في الجزائر أثناء التسعينيات قبل أن أقرر الهجرة !

القصة الأولى : الدابة والمجزرة!

ذهبت الى عاصمة الولاية برج بوعرريج،  قادما من دائرة  برج الغدير أين أشتغل، لأسدد فاتورة الهاتف الخاص بمحلي الكائن بحي السعادة ببرج الغدير نهاية التسعينيات... وعند عودتي من الولاية  الى القرية التي أنحدر منها... تفاجأت بالأعداد الهائلة من قوات الشرطة والدرك والحرس البلدي  والجيش ووجود مدرعة مقابل البيت... وجموع من المواطنين...وعائلتي في حيرة كبيرة  وأبنائي الصغار في حالة رعب. ومباشرة بعد إطلالتي وأنا نازل بطريق المسجد المحاذي لمسكننا... صوّب الجميع أعينهم إتجاهي وكأني بهم يقولون: ها هو أتى...



سألت أحد الحضور لمعرفة خيط القضية... وكان من الحرس البلدي...واسمه جمال... مالذي يجري؟ قال: هناك دماء على الأرض متناثرة طول الطريق...وقد جاءت قوات الأمن لتحقق في القضية بعد أن تقدم أحد الجيران بالشكوى... ويضيف ...يبدو أن هناك جرحى مروا من هنا...وهناك شكوك حول البيت...فقلت له: أو يحدث هذا ولا أحد منا سمع صراخا أو ضجيجا  أو اطلاق رصاص؟ هل نحن أموات إلى هذه الدرجة؟ ومباشرة قلت له: هذا عمل مدبر ورخيص ويفترض أن يكون حيوانا.. والقصد منه الاساءة للعائلة ومحاولة توريطي...وبإمكان الجهات الرسمية تحليل الدم وسيتأكدون من كلامي.

تقدمت خلف البيت القديم فوجدت شرطيان أحدهما من عائلة  شلاخ والآخر من عائلة بن مهني  يهمان بدخول البيت قفزا على الحائط...وكانا يرتديان بذلة القتال الزرقاء ...فصرخت في وجههما وقلت لها : لم تريدان الدخول الى البيت عن طريق الحائط؟ تعالا وسأفتح لكما الباب وادخلا البيت من أبوابه...وفتشا ولن تعثرا على شيء.

سمعني محافظ الشرطة ويدعى الزاوي بعد أن ارتفع صوتي...فجاءني وعيناه يتطاير منهما اللهب من شدة الغضب وهو يصرخ...فقلت له: بيتنا من زجاج يا هذا ...  لا أنت ولا غيرك من يخيفني ...وكان معه شرطي برتبة مساعد  أسمر البشرة لا ينحدر من الدائرة...أمسك بي وقال: افتح الباب...

فتحت الباب.. ودخلت أمامه البيت القديم وهو في حالة ذعر يتبعني... وكان البيت فارغا ومظلما ولا يوجد به الا صندوق قديم به بذلة عسكرية لأخي الأكبر تركها كذكرى...وبعض الجرائد التي كنت أخزنها كأرشيف.

أمرني بفتح الصندوق وهو يمسك بالرشاش  ...فتحت الصندوق فقال : ماهذا؟ قلت له بذلة عسكرية...فقفز من مكانه ...وبدأ في اتصال بزملائه...وجدنا الاشارة ، عثرنا أخيرا على المكان... وتعززت فرق البحث من الدرك والشرطة...والمساعد يحمل رشاشه وهو في حالة هستيرية ...فقدم  رئيس فرقة الدرك يدعى مختار بعدما فتحت لهم  باب ساحة البيت... آه ياسيد نورالدين: يعني هذا بيتكم؟ قلت: نعم ...

التحق به ضابط في الشرطة يدعى دردار ووجه لي نفس السؤال...ثم التفتا يمينا وشمالا...وقالا كلاما غليظا...ثم أمسك بي وقال : يا أخ نورالدين، معذرة على الازعاج الذي سببناه لكم ....فنحن نشتغل مع أناس يورطونا دائما مع أقرب الناس الينا...ثم طلب من زملائه الانصراف...وكان الوالد على الفراش رحمه الله والوالدة رحمها الله في قلق كبير. لعل منكم من يسأل عن قصة الدماء...

قصة الدماء تعود الى الآتي من خلال المعلومات التي بحوزتي... قام بعض الوشاة بجلب دابة وضربها أحدهم على الأنف بموس حلاقة...ومن ثم بدأت تنزف في الطريق ...وكان هدف المجموعة هو نشر الرعب في القرية حتى تقتنع الجهات الأمنية بتسليحهم...وهكذا يجدون ضالتهم  في التوظيف  والاعتداء على الناس... ولم يكن يهمهم ماذا سيترتب عن فعلتهم الشنيعة بقدر ماكانوا يفكرون في أنفسهم.

ملاحظة: أحدهم كان معي في الخدمة العسكرية يبول في سرواله وآخر لم يؤدي الخدمة العسكرية...الخ. مع جميع التحفظات.
نورالدين خبابه 21 جويلية 2019

إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget