بمناسبة حلول يناير، يفتح هذا المقال نقاشًا هادئًا حول معنى هذا اليوم في الوجدان الجزائري، وحول مكانة اللغات واللهجات والعلم الوطني في معركة الهوية. يحاول الكاتب التمييز بين اللهجات الأمازيغية المختلفة وفكرة "لغة أمازيغية موحَّدة"، ويناقش مسألة الحرف الذي تُكتب به، وحدود التعايش بينها وبين العربية، بعيدًا عن التوظيف الإيديولوجي الذي يمزّق الجزائريين بدل أن يجمعهم.
تحية للإخوة الأمازيغ الأحرار بكل اللغات واللهجات، وتحية خاصة للإخوة الذين كانوا على تواصل معي لسنوات على إذاعة وطني.
أنا مقتنع بوحدة اللغة، واللغة الوطنية التي أؤمن بها هي اللغة العربية.
اللغات الأخرى تُترك للمقتنع بها اختيارًا وليس تحت الإكراه. من أراد أن يتحدث بالفرنسية فله، ومن أراد أن يتحدث بالإنجليزية فله، ومن أراد اختيار لغة أخرى فله، مع الأخذ بعين الحسبان التأطير والأساتذة والإمكانيات و... إلخ.
بخصوص الأمازيغية: مقتنع بأن الأمازيغية كلغة وطنية لا وجود لها، ومن قال بذلك فليعطنا دليلًا أو كتبًا أو أبحاثًا ودراسات مكتوبة بحرفها دون مساعدة من لغات أخرى، حتى تكون لنا مرجعًا. الذي كان يُراد له، حسب رأيي، هو تكوين لغة جديدة من عدة لهجات منطوقة كالقبائلية، التارقية، الشاوية، المزابية، الشنوية... إلخ، قصد توحيدها، وهذا تعدٍّ في الحقيقة على اللهجات وتعطيل لها، لأنها ستبقى أبد الآبدين دون توحيد.
شخصيًا: مع تطوير هذه اللهجات، وليس لديّ أي مشكل في أن تُسمى لغات، ومع تدريس كل لغة في المنطقة التي يتحدث بها أهلها.
مثلًا: الشاوية في أماكن الشاوية، والقبائلية في أماكن القبائل، والتارقية في المنطقة التي يوجد فيها التوارق، وهكذا...
بخصوص أحرف الكتابة: أرى أن تُكتب بالحرف العربي حتى يسهل تعلّمها في كافة الوطن، بل في الدول العربية، لأن كتابتها بحرف التيفيناغ سيعطّلها ويجمّدها، والإخوة أحرار في ذلك، إن شاءوا يكتبوها بالتيفيناغ.
أمّا كتابتها بالحرف اللاتيني فسيجعلها ضِرّة للعربية، ونحن لا نريد أن يبقى هذا الصراع والعداء مستمرَّين، بل نريد أن يكون هناك تعايش.
بخصوص التقاليد والثقافة: أنا معها ومع الحفاظ عليها، ويسعدني أن أرى إخواني وأخواتي بأزيائهم التقليدية وأطعمتهم المختلفة وأفرشتهم وصناعاتهم، وحفاظهم عليها، فهي والله ثراء نُحسد عليه.
بخصوص العلم الوطني: أنا ضد رفع أعلام غير العلم الوطني، ومع إضافة لون أصفر ذهبي على العلم الوطني كإطار، أو إضافة حرف "عزّ": حرف عربي وآخر أمازيغي.
بخصوص يناير: لستُ ضد تخصيص يوم وطني كعيد ثقافي، بل أراه مفيدًا، لا سيما وأنه مشجّع للحفاظ على الأصالة والتقاليد، ولكنّي ضد ربطه بشيشناق. كان الواجب أن يكون اليوم وفق دراسة، ويُترك الأمر للمختصين سواء في التاريخ أو الدين، ويتمّ تقرير يوم، عكس ما قاموا به من فرض دون استشارة واسعة... والله أعلم.
كل عام والجزائر بخير.. نورالدين خبابه 12 جانفي 2020.

إرسال تعليق