طعنة الخنجر المسموم!

طعنة الخنجر المسموم

خنجر حادّ يحمل بداخله سمّا قاتلا. يستعمله عادة حاقد أو مبغض أو غادر خوّان، أو مريض نفسي لا علاج له  أو شرّير أو منافق...

 وفي بعض الأحيان يحمله إنسان قريب  لم تكن لتتخيل يوما أنه سيننقلب عليك ويصبح وحشا كاسرا بعدما كان إماما واعظا ، فيغرس الخنجر في بطنك ويرديك قتيلا.

يعيش الإنسان منا حياته في بعض الأحيان مثلما يريد ، وفي بعض الأحيان الأخرى  وفق المسموح به  ، فيجد في هذه الدار الدنيا الحلو و المرّ،  ويجدما يسعده وما يحزنه ،ويجد الصديق والعدوّ، ويلتقي بأناس أوفياء وكرماء، وآخرين من أهل الشحّ والغدر ، ويصادف البعيد والقريب ، الحنون والعنيف  ... فيتقلب يمينا وشمالا ويتقدم  أحيانا ويتراجع أحيانا أخرى...


في بعض المرّات يتلقى الإنسان طعنة خنجر مسموم ،خاصة عندما تصدر من ذوي القربى  فتباغته  بغتة قاتلة...لم تكن تخطر بباله ولم يكن مهيأ لها ولا عنده القدرة على علاجها أو التصدي لها سيما إذا كانت في وقت حرج.

يتفاجأ لها البعيد قبل القريب والعدو قبل الصديق.فكم من أناس تعرّضوا لطعنة خنجر مسموم و رحلوا عنا وأصبحوا  في حكم الماضي وكم من أناس لا زالوا يعيشون عيشة ضنكا.

أعرف أختا توفيت من شدّة الصدمة لما سمعت أن زوجها غدر ها ، لم تستطع تحمل الصدمة وبقيت تعاني عدة أيام و تصارع الحياة،  صائمة عن الكلام ولا تستطيع التعبير الاّ بسكب الدموع، وبقيت على تلك الحالة وهي تتألم من شدة الطعنة الى أن فارقت الحياة رحمها الله.

وأعرف أخا قتله أخوه أصغر منه سنا، في حالة طيش ، وطعنه بالسكين وهو في ريعان شبابه، فحرمه من طعم الحياة،  و عاشت العائلة عيشة مرّة بعده ولاتزال إلى حد الساعة لم تتخلص من روع تلك الجريمة النكراء التي ألمت بالعائلة ومن ألم ذلك الجرح الغائر. .

وأعرف شخصا قتل أمه بطلقة رصاص وهو يداعبها ....فرحم الله الجميع. ما أقسى طعنة القريب  وما آلمها  سيما عندما تصدر من حبيب أو رفيق  في الدرب أو من أصدقاء  الطفولة ... أو شريك في الحياة  ، أو من صاحب رحم ،تفقدك  صوابك وتحوّل حياتك الى جحيم .
تسرق منك الابتسامة والنوم والأكل والراحة وتعكر صفو حياتك، وتجعلك كئيبا حزينا، فلا أنت في عداد أهل الدنيا ولا أنت من أهل الآخرة.

لا تستطيع بعد هذه الطعنة أن تعيش عيشة عادية من كثرة الألم الذي تسببه لك، وقد تكون بعض المرات لا شفاء لها كما سبق أن ذكرت.انّ الطعنة مهما كان حجمها  فأنها تصيب الإنسان وتؤلمه ،سواء كانت كلمة جارحة أمام الناس،  وفي وقت أنت تحتاج الى من يرفع من همتك ،أو موقفا مخزيا في وقت أنت تواجه الأعداء، أو نكرانا لجميل، أو خذلانا  في وقت تحتاج الى نصرة، أو افساد لفرحة كنت تنتظرها بفارغ الصبر....الخ 

و طعنة الخنجر المسموم هنا للمجاز، تعبر عن مدى التأثر ومدى الصدمة التي يتلقاها الإنسان في هذه الحياة الفانية. كم رحل عنا أناس كنا نعرفهم وكم مازال آخرون يعيشون بآلامهم ويتوجعون؟وكم من شخص رأى فقط في منامه محاولة طعنه  أو لأحد من أقاربه بخنجر، فقد لذة النوم ونهض مفزوعا مسرعا.؟

نورالدين خبابه -30 نوفمبر 2013

إرسال تعليق

[facebook]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget